تضحيات الصحابة في معركة أحد

غزوة أحد

تُعتبر غزوة أحد واحدة من الأحداث البارزة في تاريخ الإسلام، حيث وقعت في شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة. وقد أشار الله تعالى إليها في سورة آل عمران، حيث قال: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). كانت هذه الغزوة مثالًا خالدًا في التضحية في سبيل الله ورفعة الإسلام، حيث استلهم المسلمون منها العديد من الدروس والعبر، وقام الصحابة بتقديم أمثلة نموذجية في الشجاعة والفداء.

تضحيات الصحابة في غزوة أحد

موقف طلحة بن عبيد الله وأبي دجانة

بعد أن تحقق النصر في البداية، وهرب معظم المشركين وانكسرت رايتهم، اعتقد رماة المسلمين الذين تواجدوا على الجبل أن المعركة قد انتهت، فنزل البعض منهم لجمع الغنائم، وتجاهلوا التعليمات التي أعطاها لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدم مغادرة موقعهم. استغل خالد بن الوليد الهجوم وتقدم من خلف الجبل، مما أسفر عن مقتل عدد من المسلمين المتواجدين هناك. تكبد المسلمون خسائر وفقدوا تماسكهم، فتوجهت بعض فئات المشركين نحو النبي الكريم، لكن مجموعة من الصحابة تصدوا لهم بشجاعة، حتى استشهدوا جميعًا. ثم قام طلحة بن عبيد الله بالدفاع عن النبي، حيث أصيب يده لكنه استمر في حماية الرسول بظهره رغم تعرضه للسهام.

موقف علي بن أبي طالب

تضمنت المعركة أيضًا مبارزة بين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وطلحة بن عثمان، حامل لواء المشركين. لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى عليًا بأن يتصدى لبعض المهاجمين من صفوف العدو، حيث استطاع بذلك أن يفرق شملهم ويوقع بالعديد من القتلى من بين صفوفهم، بما في ذلك عمرو بن عبد الله الجمحي وشيبة بن مالك.

موقف عمرو بن الجموح

كان عمرو -رضي الله عنه- يعاني من عرج شديد، إلا أنه أصر على مرافقة النبي في هذه الغزوة. ومع معارضة أبنائه، ذهب إلى النبي ليشكو له، فعبر النبي عن تفهمه وأذن له بالمشاركة. استشهد عمرو في المعركة، حيث قال عنه النبي- صلى الله عليه وسلم-: (كأنِّي أنظرُ إليكَ تَمشي برجلِكَ هذِهِ صحيحةً في الجنَّةِ).

عبد الله بن حرام الأنصاري

شعر -رضي الله عنه- بقرب اجله، فنادى ابنه جابر في ليلة الغزوة ليخبره بما يشعر به، وأوصاه برعاية إخوته وسداد ديونه. استشهد يوم المعركة وكان أول شهيد فيها. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه: (يا جابر، ما لي أراكَ منكسرًا؟). أخبره جابر بأن أباه استشهد، فرد عليه النبي بما يدل على مكانة والده عند الله.

عبد الله بن جحش

دعا -رضي الله عنه- الله أن يُرزقه الشهادة في تلك المعركة، وقد قال في ذلك اليوم: (حدثني أبي أنَّ عبدَ اللَّهِ بنَ جحشٍ قالَ له: يومَ أُحُدٍ، ألا ندعوا اللَّهَ؟ فخلوا في ناحية فدعا عبد اللَّهِ بن جحشٍ). وتمنى أن يلقى عدوًا شديدًا ويكون استشهاده في سبيل الله، وقد تحقق له ما تمنى. شهيدًا في سبيل الله، معلقًا أنفه وأذنه لشجاعة وتضحيته.

Scroll to Top