في هذا المقال، سنناقش حكم تعدد الزوجات بدون سبب. يثير هذا الموضوع تساؤلات عديدة بين الأفراد حول جواز تعدد الزوجات في غياب مبرر واضح. سنوضح هنا الأحكام التي وضعها الله تعالى والتوجيهات المتعلقة بتعدد الزوجات.
حكم تعدد الزوجات بدون سبب
- يتيح الشرع للرجال إمكانية تعدد الزوجات دون الحاجة إلى سبب محدد.
- لا يُعتبر التعدد في حد ذاته سببًا للمسؤولية، وإنما يُحاسب الرجل على عدله بين زوجاته.
- عندما شرع الله التعدد، كان ذلك مشروطًا بالعدل، مما يعني أنه لا يوجد ما يمنع الرجل من الزواج بأكثر من واحدة حتى في حال وجود زوجة أولى سليمة، إلا أن الأمر يتوقف على مدى قدرة الزوج على المعاشرة بالمعروف والعدل.
- يجب التنبيه إلى أن التحدي الرئيسي في موضوع التعدد يعود لبعض الرجال الذين يتجهون للزواج بزوجة ثانية دون مراعاة الوضع المالي أو الاجتماعي، وعدم الالتفات للقيود والشروط التي وضعها الله للتعدد.
- يجدر بالذكر أن الأصل في الزواج هو الزواج من امرأة واحدة، بينما كانت فكرة التعدد مطروحة في الجاهلية لتنظيم عدد الزوجات.
- بناءً على ذلك، حدد الإسلام أربع زوجات كحد أقصى، ولكن وفقًا للشروط التي وضعها الله، فمن يخشى عدم القدرة على تحقيق تلك الشروط ينبغي له أن يكتفي بزوجة واحدة، استنادًا لقوله تعالى، “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً”.
- لذا يجب على كل رجل مسلم التفكير بعناية في قدرته المادية والجنسية ووضعه الاجتماعي قبل البحث عن زوجة ثانية.
- يجب التأكد من قدرته على العدل بين الزوجات قبل الإقدام على هذه الخطوة.
- يرى الشيخ ابن عثيمين أن من الأفضل للرجل الاكتفاء بزوجة واحدة لتجنب الذنب الناتج عن عدم تحقيق العدل.
- إذا كان الزوج يرى أن امرأة واحدة لا تكفيه أو تعفه، فيجوز له الزواج بالثانية والثالثة والرابعة بشرط أن يتحلى بالعدل بينهن جميعًا.
- لكن العدل هنا يُعتبر طاعةً وواجبًا.
أحكام تعدد الزوجات
- كما أوضحنا سابقًا، فإن الشرع يسمح للزوج بتعدد الزوجات دون سبب.
- ومع ذلك، اتفق الفقهاء على أربع أمور يجب تحقيق العدل فيها بين الزوجات.
- وتتمثل هذه الأمور في “القَسم، النفقة، السكن، والكسوة”.
- إذا لم يكن الزوج قادرًا على تحقيق أي من هذه الأمور، يصبح التعدد محرمًا شرعًا لعدم القدرة على العدل.
- هناك خمس أحكام يجب الانتباه لها قبل التفكير في إباحة التعدد، وهي:
الحكم المباح
إذا كان الزوج قادرًا على توفير العدالة بين زوجاته فيما يتعلق بالأمور الأربعة المذكورة، فإن التعدد يصبح مباحًا حتى وإن كان قد يسبب له بعض التعقيدات والتكاليف.
الحكم المكروه
إذا أدى التعدد إلى مفاسد وأضرار أكبر من الفوائد المحتملة، يصبح قد يُعتبر مكروهًا، وتأييد ذلك إذا كان الزوج غير مستوفي للشروط اللازمة.
الحكم الحرام
في الحالة التي يكون فيها الزوج غير قادر على العدالة بين زوجاته، يصبح التعدد حرامًا لأنه سيظلم واحدة منهن على حساب الأخرى.
الحكم المندوب
إذا كان الزوج يسعى لتحقيق هدف أو مصلحة معينة من التعدد، فإنه يُستحب له ذلك.
الحكم الواجب
- إذا كان التعدد سيحمي الرجل من الوقوع في الزنا، فإن العدل بين الزوجات يُعتبر شرطًا أساسيًا لهذه الوجوب.
- لا شك أن الأصل في الزواج هو الإفراد، إلا أن التعدد يمكن أن يتمحور حول ظروف كل شخص.
- الأهم في كل ذلك هو القدرة على تحقيق العدل.
شروط تعدد الزوجات
توجد شروط وضعها الله تعالى لتمكين الرجل من تعدد الزوجات، وهي:
- لا يجوز للرجل أن يتزوج بأكثر من أربع نساء.
- يجب أن يكون الزوج قادرًا على الإنفاق على جميع زوجاته، ولا يجوز له الإقدام على هذه الخطوة إلا إذا توافرت لديه القدرة المالية الكافية.
- استنادًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج”.
- يجب أن يكون الزوج واثقًا من قدرته على العدل بين زوجاته، من حيث المعاشرة، النفقة، والسكن.
- إذا كان الزوج غير قادر على العدالة، يجب عليه الاكتفاء بزوجة واحدة.
- العدل هنا لا يعني المساواة المطلقة في الحب، فهذه المسألة لا تتحكم فيها إرادة الإنسان، ولكن يجب على الزوج تجنب الميل المفرط لأحد الزوجات مما قد يؤثر سلبًا على الأخرى.
- قال الله تعالى في كتابه الكريم، “ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورًا رحيمًا”.
- يجب أن يمتلك الزوج القدرة الجنسية التي تعيره القدرة على العفة.
- من الضروري ألا يقصر الزوج في حدود الله بسبب انشغاله بزوجاته.
حكم التعدد بدون علم الزوجة
- لا يُلزم الزوج بإبلاغ زوجته عند زواجه من امرأة أخرى، ولكن يفضل أن يُخبرها من باب حسن العشرة.
- للزوج شروط معينة عند الرغبة في التعدد تتلخص في ضرورة تحقيق العدل في الإنفاق والمبيت والكسوة.
- تملك الزوجة حق الطلب الطلاق من زوجها عند علمها بزواجه من أخرى.
- هذا فقط في حالة تعرضها لأذى من الزوج أو إذا ظلمها في حقوقها.
متى يكون تعدد الزوجات حرامًا؟
على الرغم من أن الرجل له الحق في تعدد الزوجات شرعًا، إلا أن هناك حالتين قد يؤديان إلى تحريمه:
الحالة الأولى
- إذا كان الزوج يدرك أنه لن يستطيع تحقيق العدالة بين زوجاته، فالتعدد في تلك الحالة يصبح محرمًا.
- احدى أهم شروط إجازة التعدد هي القدرة على العدل، فإذا لم يكن قادرًا فيجب أن يكتفي بزوجة واحدة.
- قال الله تعالى، “فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة”.
الحالة الثانية
إذا أدى تعدد الزوجات إلى مفاسد تفوق المصالح التي قد تعود على الزوج، يجب على الزوج ألّا يسعى للتعدد، خاصة إذا أدى ذلك لإلحاق ضرر بعلاقته مع زوجته الأولى.
أضرار تعدد الزوجات
على الرغم من إباحة الله تعدد الزوجات، إلا أن هناك بعض الأضرار المحتملة التي قد تنتج عن التعدد، ومنها:
- تزايد الخلافات بين الزوجات، مما يسبب توترًا في الحياة الزوجية ويشغل الرجل في حل النزاعات، مما يؤدي إلى حياة مليئة بالمشاكل.
- افتقار الاستقرار الأسري.
- تزايد النزاعات بين الأشقاء بسبب نقل كل زوجة لخلافاتها لأبنائها، مما يخلق مشكلات لا حصر لها.
- ارتفاع الأعباء المالية على الزوج وعدم قدرته على تحقيق العدالة في التعامل والإنفاق بين الزوجات.