عرف حكم عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بأنه الخليفة الثاني للمسلمين، حيث قاد الفتوحات العربية بصورة مذهلة ونجح في تنظيم الإمبراطورية العربية.
البداية التاريخية لعمر بن الخطاب
كان عمر من أبرز المعارضين لدعوة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في مكة، ويعتبر تحوله المفاجئ إلى الإسلام نقطة تحول هامة في سيرة النبي.
هذا التغيير يعكس الولاء القوي الذي أظهره عمر خلال الحروب ضد المكيين، وأيضًا دعمه كوالد عندما تزوجت ابنته حفصة من النبي.
لقد ترك حكم عمر – رضي الله عنه – إرثًا يدوم حتى اليوم، فنحن مدعوون لنستعرض معًا فترة حكمه.
فترة حكم عمر بن الخطاب
في عهد عمر – رضي الله عنه – الذي استمر لمدة عشر سنوات، لم يكن حكمه فعالاً فحسب، بل استطاع أيضًا استعادة السيطرة على الأراضي الساسانية وكثير من الأراضي التابعة للقيصرة الرومانية السابقة.
وقد أدت هذه الانتصارات العسكرية إلى زيادة الموارد المالية للإمبراطورية، والتي استُخدمت في تمويل مشروعات كبرى مثل المسجد الأقصى، الذي أسس عمر – رضي الله عنه – أساساته في القدس.
رامت الإدارة التي وضعها عمر أن تكون الإطار الذي استند إليه الخلفاء المسلمون بعد ترتيبه، حيث أُدخل التقويم القمري الإسلامي تحت إدارته.
التقويم، المبني على التقويم القمري العربي، يعتمد على سنة الهجرة التي تعتبر سنة الصفر (0 هـ) بعد هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة في عام 622 م.
تعتبر شخصية عمر – رضي الله عنه – وشرعيته موضوعًا للجدل؛ فقد عُرف عنه الصرامة في مبادئ الأخلاق والعدالة.
حقوق غير المسلمين في عهد عمر – رضي الله عنه
خلال خلافة عمر، حصل أهل الذمة (الأقليات الدينية) على حرية دينية كاملة وحريات مدنية.
سمح لهم بإقامة احتفالاتهم الاجتماعية والدينية، مع الالتزام بمبدأ عدم الإكراه على اعتناق الإسلام وفقًا للقرآن الكريم.
حصول غير المسلمين على حقوق متساوية ضمن دولة عمر – رضي الله عنه – تميز بفترة حكمه، حيث أُلغيت أي انتهاكات لأراضيهم.
ذكرت حادثة مهمة في فترة حكمه حيث أصرّ على إعادة أرض يهودي بعد أن تم تشييد مسجد عليها.
كتب بروفيسور مسيحي لبناني في عام 1933 أن المنزل المذكور لا يزال قائمًا ومعروفًا.
تعرف على:
أمثلة على التسامح والتعايش في عهد عمر
تظهر أمثلة التسامح بوضوح في حكم عمر – رضي الله عنه – عند تحرير القدس، اذ رفض البطريرك تسليم مفاتيح المدينة لأي شخص سوى الخليفة.
سافر عمر – رضي الله عنه – لمقابلة البطريرك وتوجها سويًا لزيارة كنيسة القيامة. وعندما جاء وقت الصلاة، طلب البطريرك منه الصلاة في الكنيسة، لكنه اعتذر عن ذلك خوفًا من أن يستغل المسلمون ذلك في المستقبل.
وبدلاً من ذلك، صلى على عتبات الكنيسة. [بحاجة إلى مصدر]
تفشى التعايش السلمي خلال فترة حكمه، حيث حصل جميع أتباع الأديان على الحماية والحقوق.
استمر غير المسلمين في تملك أراضيهم وممتلكاتهم، وتم فرض حظر على المسلمين لشراء الأراضي المملوكة لأهل الذمة.
تمتعت مصالح غير المسلمين بالاحترام في المناطق التي انتشر فيها الإسلام.
عهد عمر بضمان سلامة وأمان حياة غير المسلمين وممتلكاتهم.
عند فتح سوريا، أصدر عمر تعليماته بمنع المسلمين من أي أذى لأهل الذمة أو نزع ممتلكاتهم.
تعمق الخليفة عمر في نموذج النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر – رضي الله عنه – في التعامل مع الأقليات الدينية.
ساهم الخليفة الثاني في تطوير أساليب الأمان والرفاهية للحياة اليومية لغير المسلمين، مختاراً طرقًا تعكس حسن التعامل مع هؤلاء الأفراد.
المرأة في عهد عمر – رضي الله عنه
في إطار حكمه، شدد عمر – رضي الله عنه – على ضرورة تسهيل زواج الفتيات، مشجعًا على عدم المبالغة في المهر.
قال عمر: “لا تغالوا في صدقات النساء، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يُصَدِّق زوجة بأكثر من اثنتي عشرة أوقية.” [صحيح النسائي: 3349]
تولى عمر مسؤولية التخفيف من المعاناة التي قد تتعرض لها النساء مع زواج قسري من كبار السن.
لقد دعم حق المرأة في اختيار شريك حياتها، مما يساهم في تقليل الجرائم الناتجة عن الضغط النفسي.
لم يُبدِ عمر اعتراضًا على أن تشارك النساء في الأعمال التجارية وتمتلكن تجارتهن.
على سبيل المثال، أعطى عمر هند بنت عتبة قرضًا للتجارة، مما يعكس الالتزام بتشجيع المرأة على العمل والابتكار.
حقوق الأطفال والأيتام في عهد عمر – رضي الله عنه
أظهر عمر – رضي الله عنه – وعيًا كبيرًا بأهمية رعاية الأطفال والأيتام، حيث اعتبرهم جزءًا حساسًا من المجتمع ينبغي حمايتهم وتعليمهم.
أسس عمر نظامًا لتعليمهؤلاء الأطفال، حيث كلف عددًا من المعلمين لرعايتهم وتعليمهم.
دعم الفقراء والمدينين في ولاية عمر – رضي الله عنه
بادر عمر – رضي الله عنه – لمواجهة سياسات التجار المحتكرين، مشددًا على ضرورة استيفاء حقوق المواطن في أسعار عادلة.
أطلق دعوة للتجار بعدم احتكار السلع، مما قد يسهم في تحسين شروط التجارة ويحقق العدالة في السوق.
عمل أيضًا على مساعدة المدينين بتخفيف أعبائهم المالية، حيث سمح لعدد من الغارمين بتأجيل سداد ديونهم.
رحيل عمر وإرثه التاريخي
في عام 23 هـ (644 م)، تعرض عمر – رضي الله عنه – للاغتيال أثناء إمامته للناس في صلاة الفجر على يد عبد فارسي.
يعتبر هذا الحدث مدعاة للعديد من التفسيرات، حيث اعتبر البعض أن الهجوم كان مدفوعًا بدوافع شخصية أو انتقامية.
عُرف عمر بتنظيمه الأمور بطريقة متوازنة، حيث قام بتعيين لجنة من ستة رجال لاختيار خليفة جديد، واضعًا أبنائه بعيدًا عن هذا الاختيار.
توفي عمر تاركًا خلفه إرثًا ضخمًا من العدالة والإدارة الحكيمة، ويصفه المؤرخون بأنه “المؤسس الحقيقي للإمبراطورية العربية”.
وُلد معه إرث دائم سيستمر لقرون قادمة، حيث دُفن بجوار النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر الصديق – رضي الله عنه.
تعرف على المزيد حول هذا الموضوع: