مشكلة نقص المياه
تُعَدّ أزمة نقص المياه من القضايا الجادة التي تؤرق العديد من الدول حول العالم، إذ تُعتبر المياه العنصر الأساسي الذي يدعم الحياة ويدفع عجلة التنمية. فهي المفتاح لنمو الزراعة والصناعة والمشاريع الحيوية الأخرى. بالإضافة إلى أهميتها الكبيرة لاستمرار حياة الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات، تُعَدّ المياه أحد أبرز مكونات الطبيعة وأكثرها حاجة.
رغم أن المياه تُشكل حوالي ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية، إلا أن مسألة نقص المياه تُعتبر بالفعل أزمة تتطلب حلولاً متنوعة. ففي الواقع، فإن معظم هذه الكمية من المياه مالحة وغير صالحة للشرب، مما يُظهر أن التحدي الحقيقي يكمن في نقص المياه العذبة. ويعود ذلك إلى عدة أسباب، منها التبذير المفرط، وسوء استهلاك المياه، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة الذي يُسهم في تبخر كميات كبيرة منها.
تُعَدّ ظاهرة احتباس الأمطار والجفاف من أبرز الأسباب وراء نقص المياه على مستوى العالم، حيث أدت إلى تصحر العديد من المناطق وتقلص حصة الأفراد من المياه الصالحة للشرب. هذه الوضعية تُعتبر جرس إنذار يدعو إلى البحث عن حلول بشكل عاجل، خصوصاً في الدول التي تعاني من قلة هطول الأمطار. ورغم تواجد الينابيع العذبة والأنهار التي تحتوي على مياه صالحة للشرب، إلا أن تدفق المياه الجوفية من هذه الينابيع يشهد تراجعاً مستمراً بسبب تناقص هطول الأمطار، مما يؤثر سلباً على تغذيتها. كما أن العديد من روافد هذه الينابيع تتعرض للإضرار نتيجة التطور العمراني الذي يُدمّر الأراضي المسامية اللازمة لتغذية المياه الجوفية.
يمكن التصدّي لمشكلة نقص المياه من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات الفعّالة، مثل ترشيد استهلاك المياه وتنظيم استخدامها على مستوى الأفراد والدول. ينبغي أيضاً المحافظة على مصادر تغذية الينابيع الجوفية، وبناء المزيد من السدود على مجاري الأنهار لتخزين المياه، فضلاً عن الحد من التلوث الذي يؤثر على المياه بمختلف أشكاله. فمجابهة نقص المياه تُعتبر ضرورة قصوى، حيث يُهدد هذا النقص بيئات متعددة ويسلب العديد من سكان الكرة الأرضية حقوقهم الأساسية، فضلاً عن تأثيراته السلبية على التنوع البيولوجي.
أصبح الاهتمام بتوفير المياه جزءًا أساسيًا من سياسات الدول الكبرى اليوم، وذلك ضماناً لحق الأجيال القادمة في المياه والمحافظة على نقاوة المياه العذبة. إن الحفاظ على المياه يُعتبر مسؤولية وطنية وإنسانية ودينية في المقام الأول، فقد حذر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الإسراف في استخدام المياه حتى في حال توفرها بكثرة.