وصف نعيم الجنة
قد أعدّ الله -عز وجل- الجنة بشكل مدهش وجميل، كجزء من رحمة الله وإحسانه لعباده الذين أخلصوا في التزامهم بما يُرضيه ويفرحه. في حديث قدسي ووصف الجنة، قال الله -تعالى-: “أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا رأت عين، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر”. هذا الحديث يُعبر عن أن ما تمتاز به الجنة من نعيم لا يمكن تصوره، حتى لو قضى الإنسان ساعات وأياماً في التفكير والتأمل حول هذا النعيم. فإن هذا الكلام يزرع في قلوب المسلمين شعور الفرح والاتكال على رحمة الله، كما يشجعهم على العمل الصالح الذي يؤدي إلى دخول الجنة. وقد ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من تفاصيل النعيم في الجنة، أنه مكان خالٍ من الأمراض، والهموم، والأحزان، بينما تتكون أرضها من المسك والزعفران، وسقفها هو عرش الرحمن، وحصاها من الجواهر واللؤلؤ. أما بنيانها، فيتركب من لبنة من فضة وأخرى من ذهب، بينما أنهارها تتدفق بلا توقف، كأنهار العسل واللبن والخمر، التي ينعم بها المؤمنون.
في الجنة، يمكن للراكب السريع أن يسير في ظل الشجرة لمدة مئة سنة دون أن يقطعها، حيث تتزين سيقانها بالذهب والفضة وتدلى منها الثمار. وهنالك السرر المرفوعة والأكواب المعدة، والوسائد مرتبة والسجاد مبثوث. وفواكه أهل الجنة هي من أطيب الأنواع، بالإضافة إلى الطيور بكل أشكالها المتنوعة. مشروباتهم تشمل الزنجبيل، والتسنيم، والكافور، ولا يعاني أهل الجنة من أي تعب مرتبط بالطعام، ولا يتغوطون. ومن كرم الله -تعالى- أنه أطلع عباده على بعض من نعيم الجنة ليتشوقوا إليها، ويتمتعوا بأفكارهم بشأنها. ومن بين ما وصفه الله تعالى كؤوس الماء التي يشربون منها، والغلمان الذين يخدمونهم، كما ورد في الآيات: “يُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا*” “وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ”.
نعيم النساء في الجنة
يجدر بالمؤمن أن يعتقد بعدل الله -تعالى- وحكمته، فإن كل عمل جيد يقوم به المسلم يُكافأ عليه الله، وينتظر مثوبته يوم القيامة. لقد كثرت الآيات الكريمة التي تتحدث عن الحور العين في القرآن، مما جعل النساء يتساءلن عن نصيبهن من نعيم الجنة. إن من عدل الله وكرمه أن كل أهل الجنة سيكونون راضين وسعداء بجزائهم، فلا ينبغي لإحدى النساء أن تشعر بالقلق أو النقص، بل إن أدنى مراتب أهل الجنة ستجلب الرضا. فكيف سيكون حال النساء الصالحات اللواتي التزمن بواجباتهم وطاعاتهم؟ وقد ذكر الله -تعالى- جزءاً من نعيم الرجال المؤمنين في الحور العين، ولكن لا ينبغي اعتبار ذلك شيئاً يُذكر أمام ما سيخوضه النساء من نعيم يفوق تصوراتهن.
وقد خص الله النساء بنعم عظيمة في الجنة، حيث لا يمكنك أن تجد جزاءً ذُكر في القرآن إلا وهو يشمل النساء والرجال، كما قال الله: “وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ”. كما قال: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً”. الأجور والمكافآت التي وُجّهت للنساء والرجال كثيرة، فقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والجمال في الجنة أنه: “إن في الجنة لسوقاً، يأتونها كل جمعة، فتَهُبُّ ريحُ الشَّمالِ فتَحثو في وجوهِهِم وثيابِهِم، فيَزدادونَ حُسناً وجمالاً”، ففي الجنة جمال المرأة يزداد كل أسبوع، وللنساء في الجنة نعيم آخر، فالمؤمنة لا تجتاز فترات الحيض والنفاس، فيكون في جسدها مظهر من مظاهر الشباب الدائم.
أعظم نعيم الجنة
إن من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده في الجنة هو الكشف عن وجهه الكريم، حيث ينظر المؤمنون إلى ربهم، كما ورد في قوله: “لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ”. وهذا “المزيد” المشار إليه هو رؤية الله – سبحانه وتعالى -، وهو ما لا يمكن أن يُضام فيه أحد. كما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: “فما أُعطوا شيئاً أحبَّ إليهم من النظرِ إلى ربّهم عزّ وجلَّ”. ولذلك، فإن الله -عز وجل- شرف عباده رجالاً ونساءً، تكريماً لهم على طاعتهم في الدنيا، وفي النهاية، أنعم عليهم بمتعة النظر إلى وجهه، كما قال الله: “وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ”. وبذلك، فإن هذه الرؤية تُعتبر من أعظم النعم التي يتمتع بها المؤمنون في الجنة.