تعريف التطرف الديني: دلالاته اللغوية والاصطلاحية
التطرف الديني من الناحية اللغوية
يعني التطرف في اللغة: الوصول إلى أقصى شيء أو نهاية الأمر، كما يشير إلى تجاوز الحد المتوسط والاعتدال. يتخذ مفهوم التطرف من الطرف الذي يمثل الحد الأقصى أو الأدنى، لذا يُقال “تطرّف الرغيف” بمعنى أخذه من طرفه.
تتعلق بعض الكلمات بهذا المفهوم مثل “الغلو” و”العصبية”. وقد ذكر القرآن الكريم مفهوم الغلو، حيث قال الله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ)، مما يظهر أن الغلو يتناقض مع الحق كما يتضح من الآية الكريمة.
لذا، فإن التطرف الديني يشار إليه بمعنى تجاوز الحدود والاعتدال في الدين، حيث يمكن أن يتجه التطرف نحو أحد الجهات، فإما أن يأخذ بأدنى أو بأقصى العنصر، وكلا الحالتين تُعتبر تطرفاً. ومن هنا، يكون الغلو أكثر تحديداً من التطرف، حيث يعني الأخذ بالجانب الأكثر تشدداً وتعصباً.
التطرف الديني: التعريف الاصطلاحي
وفقًا لتعريف علي الشبل، يشير التطرف الديني إلى “الغلو في عقيدة أو فكرة أو مذهب تتميز به دين أو جماعة أو حزب.” وهذا التعريف يربط بين التطرف والغلو ويعكس الفهم الشائع بين الناس أن التطرف عادة ما يتعلق بالجانب المتشدد، مما يعني أن التطرف الديني هو تجاوز للحدود وترك الوسط باتجاه التعصب والغلو في الجوانب الدينية. وقد عُرفت العديد من الجماعات بالتطرف الديني، كما هو الحال مع ما يسمى باليمين المتطرف.
لقد جعل الله -تعالى- أمة الإسلام أمة وسطًا قائمة على العدل بين الأمم، كما ورد في قوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا). لذا، يجب على المسلم أن يعي هذه القيم العظيمة التي وهبها الله لعباده المسلمين، وأن يؤدي واجباته والتزاماته وفقًا لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- بدون إفراط أو تفريط.
أشكال التطرف الديني
جاء الإسلام ليكون ديناً متوازناً، لا يفرض قسوة أو تشديدًا يثقل كاهل الناس، ولا يتركهم بلا ضوابط تضمن الوسطية في الأمور. بل إنه نظام عادل يعكس واقع الحياة دون صعوبات أو تعقيدات، لأنه مستند إلى منهج رباني يعرف ما يُصلح أحوال البشر في الدنيا والآخرة.
ولكي تتضح صورة التطرف الديني بشكل أكبر، نعرض بعض مظاهر التطرف الديني:
- التعصب للرأي الشخصي الذي يتبناه المتطرف، وعدم الاعتراف برأي الآخرين حتى في المسائل البسيطة التي تحتمل التنوع. يجد المتطرف نفسه مصراً على رأيه ويعتبر الآخرين على خطأ جسيم، وصولاً إلى تجريمهم واعتبارهم معتدين يستحقون المحاسبة.
- إلزام الناس بأمور لا يطلبها الله منهم، والتشدد في فرض ما يجده المتطرف ضرورياً، حتى لو كانت تلك الأمور مباحة أو مستحبة في الدين.
- الغلظة في المعاملة، والخشونة في الأسلوب، والفظاظة في الدعوة، معتقدًا أن هذا هو الطريق الصحيح بسبب الجدية في الأمر، ولكن ذلك ليس له أي صلة بالدين.
- سوء الظن بالناس، والاحتقار لما يقومون به، والنظر إليهم برؤية غير عادلة تتحكم بها الأهواء، مما يؤدي إلى الغرور بالنفس واحتقار الآخرين.
التفريق بين التمسك بالدين والتطرف
يوجد فارق كبير بين الالتزام بأصول الدين وشرائعه، وبين التطرف. فلا يجوز تصنيف من يلتزم بتعاليم دينه بلا تطرف على أنه متطرف، مثل النساء اللاتي يرتدين اللباس الشرعي أو الرجال الذين يطلقون لحاهم، أو حتى الملتزمين بحضور الصلاة في المسجد. فكل ذلك يندرج ضمن الالتزام والاعتدال في الدين.
أما التطرف الديني فيعني الخروج عن الاعتدال، ويتضمن ضلع من التعصب والظلم للناس، وإصدار أحكام غير عادلة ضدهم.