التحليل الموضوعي في قصيدة عنترة بن شداد “يا دار عبلة”
تناولت معلقات عنترة بن شداد مجموعة من الموضوعات المتنوعة، حيث بدأ الشاعر بذكر أطلال ديار محبوبته عبلة، متمنيًا الخير والسلام لبلادها. ثم وصف مكانة عبلة في قلبه، مع الإشارة إلى صفاتها الجمالية وعبير أنفاسها. بعد ذلك، انتقل للحديث عن ناقته ورحلتها عبر الصحراء، معبرا عن فخره بقوته وقدرته على الدفاع عن نفسه ضد المعتدين، بالإضافة إلى اعتزازه بشجاعته في الحروب.
التحليل الإيقاعي في قصيدة عنترة بن شداد “يا دار عبلة”
تُعتبر “يا دار عبلة” من القصائد العمودية التي قُدمت على البحر الكامل، بتفعيلاته “متفاعلن متفاعلن متفاعلن”. يعد هذا البحر من أكثر البحور الشعرية استخدامًا، ليكون جذابًا في إيقاعه، بينما حرف الروي في القصيدة هو حرف الميم.
التحليل الأسلوبي في قصيدة عنترة بن شداد “يا دار عبلة”
تتميز القصيدة بتنوع أساليبها البلاغية واللغوية، ومن أبرز هذه الأساليب:
- **النداء**: كما في قوله: “يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي ** وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي”.
- **الاستفهام**: كما في قوله: “هَل تُبلِغَنّي دارَها شَدَنِيَّةٌ ** لُعِنَت بِمَحرومِ الشَرابِ مُصَرَّمِ”.
- **التمني**: كما في قوله: “يا شاةَ ما قَنَصٍ لِمَن حَلَّت لَهُ ** حَرُمَت عَلَيَّ وَلَيتَها لَم تَحرُمِ”.
- **النفي**: كما في قوله: “وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ ** لا مُمعِنٍ هَرَبًا وَلا مُستَسلِمِ”.
وبالنسبة للأساليب البلاغية، يمكن الإشارة إلى:
- “يا دار عبلة بالجواء تكلمي” – حيث تشبه الدار بالإنسان المتحدث، مما يعتبر استعارة مكنية.
- “وعمي صباحًا دار عبلة وإسلمي” – مشبّهًا الدار بالإنسان الذي يتحدث، وهو نموذج آخر للاستعارة المكنية.
- “فإذا ظُلِمتُ فإن ظلمي باسلٌ ** مرٌّ مذاقته كطعم العلقم” – هنا يعبّر عن الظلم بتمييزه كمرارة الطعم، مستخدمًا استعارة مكنية.
نص قصيدة عنترة بن شداد “يا دار عبلة”
قال عنترة في معلقته:
هل غادر الشعراء من متردم
:::أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
:::وعمي صباحاً دار عبلة وإسلمي
فوقفت فيها ناقتي وكأنها
:::فدن لأقضي حاجة المتلوم
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا
:::بالحزن فالصمان فالمتثلم
حييت من طلل تقادم عهده
:::أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
حلت بأرض الزائرين فأصبحت
:::عسراً على طلابك ابنة مخرم
عُلقتها عرضاً وأقتل قومها
:::زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم
ولقد نزلت فلا تظني غيره
:::مني بمنزلة المحب المكرم
كيف المزار وقد تربع أهلها
:::بعنيزتين وأهلنا بالغيلم
إن كنت أزمعت الفراق فإنما
:::زمت ركابكم بليل مظلم
ما راعني إلا حمولة أهلها
:::وسط الديار تسف حب الخمخم
فيها اثنتان وأربعون حلوبة
:::سوداً كخافية الغراب الأسخم
إذ تستبيك بذي غروب واضح
:::عذب مقبله لذيذ المطعم
وكأن فارة تاجر بقسيمة
:::سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضة أنفاً تضمن نبتها
:::غيث قليل الدمن ليس بمعلم
جادت عليه كل بكر حرة
:::فتركن كل قرارة كالدرهم
سحاً وتسكاباً فكل عشية
:::يجري عليها الماء لم يتصرم
وخلا الذباب بها فليس ببارح
:::غرداً كفعل الشارب المترنم
تمسي وتصبح فوق ظهر حشية
:::وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
وحشيتي سرج على عبل الشوى
:::نهد مراكله نبيل المحزم
هل تبلغني دارها شدنية
:::لعنت بمحروم الشراب مصرم
خطارة غب السرى زيافة
:::تطس الإكام بوخذ خف ميثم
وكأنما تطس الإكام عشية
:::بقريب بين المنسمين مصلم
تأوى له قلص النعام كما أوت
:::حِزق يمانية لأعجم طِمطِمِ
يتبعن قلة رأسه وكأنه
:::حِدق على نعشٍ لهن مخيمِ
صعلٍ يعود بذي العشيرة بيضه
:::كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
شربت بماء الدحرضين فأصبحت
:::زوراء تنفر عن حياض الديلم
وكأنما تنأى بجانب دفها
:::وحشى من هزج العشي مؤوم
هرٍ جنيب كلما عطفت له
:::غضبي اتقاها باليدين والفم
بركت على جنب الرداع كأنما
:::بركت على قصب أجش مهضم
وكأن ربا أو كحيلاً معقداً
:::حش الوقود به جوانب قمقم
ينباع من ذفري غضوب جسرة
:::زيافة مثل الفنيق المكدم
إن تغدفي دوني القناع فإنني
:::طب بأخذ الفارس المستلئم
أثنى علي بما علمت فإنني
:::سمح مخالقتي إذا لم أُظلم
معاني المفردات في قصيدة عنترة بن شداد “يا دار عبلة”
إليكم بعض معاني المفردات المهمة في معلقة عنترة:
المفردة | معنى المفردة |
متردم | هو المكان الذي يُرقَع. |
بالجواء | الجواء هو منطقة في نجد، ويمثل أيضًا جمع جو. |
فدن | الفدن تعني القصر وجمعه أفدان. |
الأسحم | يسبق الأسود بشدة السواد. |
غَروب | يشير في هذا السياق إلى حدة الأسنان. |
سحًّا | السح يعني الصب والسكب، ويتعلق بنفس معنى تسكاب. |