تاريخ الكعبة المشرفة
تُعتبر الكعبة قبلة المسلمين في صلاتهم، حيث يتوجب على المسلمين التوجه نحوها لأداء الفريضة. وفي أثناء موسم الحج، يدور المسلمون حول الكعبة، التي تُعرف أيضًا بالبيت العتيق. وفقًا للتعاليم الإسلامية، تُعتبر الكعبة أول بيت وُضع على وجه الأرض، حيث قال الله -عز وجل- في كتابه العظيم: (إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ).
الكعبة المشرفة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالبيت الحرام، فلا يمكن الفصل بينهما سواء من حيث الزمان أو المكان. عند الحديث عن أحدهما، يُستدعى ذكر الآخر أيضًا. قال الله -تعالى-: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
بناء الكعبة
ذكر الإمام النووي في كتابه “تهذيب الأسماء والصفات” أن الكعبة المشرفة قد تم بناؤها خمس مرات كما يلي:
- بناء الملائكة للكعبة قبل وجود سيدنا آدم -عليه السلام-.
- بناء سيدنا إبراهيم -عليه السلام- للكعبة المشرفة.
- بناء قريش للكعبة في زمن الجاهلية، وقد شهد النبي الكريم هذا البناء.
- بناء ابن الزبير -رضي الله عنهما- للكعبة.
- بناء الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو البناء القائم حاليًا.
بعد بناء سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، تسلمت قبيلة جرهم الكعبة المشرفة، ثم تولت قريش مسؤولية إدارتها. كان قصي بن كلاب أول من أجدد بناء الكعبة بعد سيدنا إبراهيم، حيث قام بتغطية السقف باستخدام خشب الدوم وورق النخل. بعد ذلك، أقدمت قريش على إعادة بناء الكعبة عندما كان النبي الكريم في الخامسة والعشرين من عمره.
كان سبب إعادة البناء في زمن قريش هو رفع باب الكعبة عن الأرض. قال أبو حذيفة بن المغيرة: “يا قوم ارفعوا باب الكعبة بحيث لا يُدخل إليها إلا باستخدام السلم، فإن ذلك يمكنكم من التحكم بمن يدخلها، وعندئذٍ من يعارضكم يُرجم فيسقط، ليكون عبرة لمن يراه”.
عندما أراد ابن الزبير إعادة بناء الكعبة، قال إنه سمع عائشة أم المؤمنين تُخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَوْلَا أنَّ النَّاسَ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بكُفْرٍ، وَليْسَ عِندِي مِنَ النَّفَقَةِ ما يُقَوِّي علَى بِنَائِهِ، لَكُنْتُ أَدْخَلْتُ فيه مِنَ الحِجْرِ خَمْسَ أَذْرُعٍ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ منه، وَبَابًا يَخْرُجُونَ منه). وبعد ذلك، أعاد الحجاج بناء الكعبة بالشكل الحالي.
موقع الكعبة
توجد الكعبة المشرفة في وسط المسجد الحرام تقريبًا، وهي تأخذ شكل حجرة مربعة مرتفعة وكبيرة، حيث يبلغ ارتفاعها حوالي 14 مترًا. يمتد طول ضلعها الذي يحتوي على الباب والجهة المقابلة له إلى 12 مترًا، في حين أن الضلع الذي يحتوي على الميزاب وطولهما 10 أمتار.
في عهد سيدنا إسماعيل -عليه السلام-، لم يكن للكعبة سقف، بينما هي الآن محاطة بسقف. تم تحسين بنائها لاحقًا على يد الأجيال التي تلتهم، حتى جاء عبد المطلب بن هاشم الذي صنع لها بابًا من الحديد وزينه بالذهب.