التنظيم
يعتبر التنظيم عاملاً حاسماً في نجاح المنظمات التجارية في العصر الحديث، سواء كانت هذه المنظمات حكومية أو خاصة أو ربحية. بغض النظر عن طبيعة الأنشطة التي تتبناها هذه المنظمات، فإن تحقيق الأهداف المرجوة يعتمد بشكل كبير على قدرة التنظيم في إدارة المتطلبات الأساسية. إضافةً إلى ذلك، يأتي التنظيم في مرتبة تالية بعد التخطيط، حيث يحظى بأهمية بارزة في جميع المؤسسات بسبب التنوع البيئي الذي يؤثر عليها، مما يعني أنه لا يوجد نموذج تنظيمي يفي باحتياجات جميع المنظمات. كل منظمة تمتلك سماتها الخاصة، التي تتطلب توجهات فريدة نحو تحقيق الأهداف المحددة.
تعريف التنظيم
الشأن اللغوي لمصطلح التنظيم يعود إلى المصدر “نَظَم”، حيث يعني تنظيم العمل الهيكلة والترتيب بطريقة معينة. في السياق السياسي، يشير التنظيم إلى مجموعة من الأفراد الذين يتشاركون في المبادئ السياسية ذاتها ويعملون وفق قواعد تنظيمية تحدد علاقاتهم ووسائل عملهم. كذلك، يمكن تعريف التنظيم كنوع من الهيكلة التي تربط أفراد منظمة واحدة رسمياً لتحقيق أهدافها. هذه الأهداف قد تكون صناعية، تعليمية، تجارية، رياضية أو سياسية.
قدمت دراسات الإدارة مجموعة متنوعة من التعريفات حول التنظيم، على الرغم من تباينها إلا أنها تحمل دلائل متقاربة. إليك بعض التعريفات المقدمة من باحثين بارزين:
- حدد لينال ابرويك التنظيم كعملية تحديد أوجه النشاط من أجل تحقيق الأهداف وترتيبها في مجموعات لتوزيعها على عدة أشخاص.
- عَرَّف شيستر برنارد التنظيم كترتيب من الأنشطة التعاونية المدروسة التي تتطلب تواصلًا بين الأفراد، مما يسهم في إبراز دور كل فرد في إنجاز الأعمال.
- وصف سايمون التنظيم بأنه أنماط سياسية وسلوكية تهدف لتحقيق الفاعلية البشرية من خلال تحديد الصلاحيات والتنسيق بين الأقسام لتحقيق الأهداف بكفاءة.
يمكن أن يكون التنظيم ذاتياً، حيث يرتبط بنمط التعلم النشط الذي يشارك فيه المتعلم بشكل فعّال عبر البحث، المناقشة، والتفاعل بما يتناسب مع اهتماماته الشخصية.
أنواع التنظيم
يمكن تقسيم التنظيم إلى نوعين رئيسيين هما:
التنظيم الرسمي
يتمثل التنظيم الرسمي في الأنظمة والقوانين المعمول بها داخل المؤسسات، مستندًا إلى الهيكل التنظيمي، ويتم إدراكه بما يساهم في تنسيق الأنشطة لتحقيق الأهداف. يشمل التنظيم الرسمي أنماطًا مثل:
التنظيم الرأسي
يتطلب هذا النوع من التنظيم وجود سلطة مركزية لدى كل رئيس لإدارة مرؤوسيه بشكل مباشر، حيث تنتقل السلطة من الأعلى إلى الأسفل. يُعرف هذا النوع أيضاً بالتنظيم المباشر أو التنفيذي، وله مزايا مثل:
- توفير فرص التدريب العملي على العمليات التشغيلية.
- وضوح السلطات في كل مستوى.
- تحديد واجبات الأفراد بشكل واضح.
- تيسير اتخاذ القرارات بسرعة.
لكن، يُعاب على هذا النوع من التنظيم:
- عدم توفير الوقت الكافي لممارسة الأنشطة الضرورية مثل البحث والتخطيط.
- الإجهاد المفرط للمديرين.
- عدم التشجيع على تقسيم الأعمال، إذ يبقى القرار النهائي بيد المدير.
التنظيم الوظيفي
يتميز هذا التنظيم بالتخصص الوظيفي، حيث تحتفظ كل وحدة إدارية بمهام محددة تحتاج إلى تطويرها بشكل كامل. فتحتوي المنظمات غالبًا على إدارات مثل إدارة المشتريات والتسويق والإنتاج. من مزايا التنظيم الوظيفي:
- تعزيز التعاون بين الموظفين في الإدارات المختلفة.
- تحقيق تخصص فعّال في وظائف محددة.
غير أن من عيوب هذا النوع:
- عدم وضوح السلطة والمسؤولية بشكل كافٍ.
- تأخير الإنجازات عن المواعيد المحددة.
- تراكم السلطة بيد قلة من أصحاب الخبرة.
- نقص المرونة في التكيف مع التغيرات.
التنظيم الرأسي الوظيفي
يتضمن هذا النوع من التنظيم وجود سلطتين: الرسمية والاستشارية. تستفيد السلطة الرسمية من آراء المستشارين قبل اتخاذ القرارات، بينما تبقى صلاحيات القرار تحت تصرف السُلطات الرسمية. تشمل مزايا هذه المنظومة:
- تمكين المدراء من التركيز على الأنشطة الإدارية.
- تحقيق مستوى جيد من المرونة.
لكن توجد بعض العيوب، منها:
- احتمالية حدوث صراعات بين السلطة الاستشارية والسلطة الرسمية.
- تخفيف المسئولية على المدراء التنفيذيين في حال الفشل.
- عدم توفير تحفيز كافٍ للمستشارين لتقديم آرائهم بشكل فعّال.
التنظيم المصفوفي
يتميز هذا التنظيم بالشكل المصفوفي أو الشبكي، حيث يجمع بين التخصص الوظيفي والسِلعي.
التنظيم غير الرسمي
يعتبر التنظيم غير الرسمي موجودًا في جميع المنظمات، وهو يعبر عن شبكة من العلاقات الاجتماعية التي تنشأ بشكل تلقائي بين الأعضاء. تميل المنظمات إلى تعزيز هذا النوع بسبب تأثيره الإيجابي على أداء الموظفين. يمكن أن يساهم التنظيم غير الرسمي في الحفاظ على القيم الثقافية وتحسين المكانة الاجتماعية لأعضاء المجموعة.
تتضمن مزايا هذا التنظيم:
- تلبية الحاجات النفسية للعاملين من خلال الزيارات الاجتماعية.
- تعزيز الروابط بين الموظفين بطرق فعالة.
- معالجة نقاط الضعف في التنظيم الرسمي.
ومع ذلك، يُمكن أن يكون له بعض العيوب، مثل إمكانية تأثيره سلبًا على أهداف المنظمة حينما يقوم القادة غير الرسميين بتحريض الموظفين على عدم الإنتاج.