مفهوم وترتيب الصلاة وأهميته
ترتيب أفعال الصلاة هو اتباع السلوك الذي جاء به النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عند أدائه للصلاة. تتمثل عناصر الصلاة في أفعال متكررة وغير متكررة ضمن الركعة الواحدة؛ حيث يُشترط أن يُعقب القيام للقراءة الركوع، ويكون هذا بدوره مؤهلاً للسجود. أما الأفعال المتكررة، فتشمل السجدات ضمن الركعة.
يُعتبر الالتزام بهذا الترتيب ركنًا أساسيًا من أركان الصلاة، وقد اتفق الفقهاء الأربعة على ذلك، حيث اعتبره العلماء إجماعًا. يُستشهد بذلك بحديث الرجل الذي أساء في صلاته، عندما قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بتعليمه الطريقة الصحيحة لأداء الصلاة، حيث قال: “إذا قمت في صلاتك فكبّر الله تعالى، ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن”. وهذا يشير بوضوح إلى أن ترتيب الأفعال في الصلاة يأتي وفق نمط مُحدد. وقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضرورة اتباع نظامه حين قال: “صلوا كما رأيتموني أصلي”، مما يُبرز أهمية الترتيب وعدم تغييره في أدائه طوال حياته.
بناءً على ما سبق، تعتبر صلاة الشخص التي ترك فيها الترتيب وانعدم قصده لذلك باطلة. أما إذا حصل ذلك عن نسيان، فعليه أن يعيد الفعل فور تذكره وقبل الوصول إلى نفس الفعل في الركعة التالية، ثم يؤدي سجود السهو. بالمثل، يجب ترتيب عدد ركعات الصلاة، إلا في حالة المسبوق -من حضر الصلاة مع الجماعة ولكنه فاته شيء منها- حيث يصلي مع الإمام ما سبق له من الركعات ويُكمل بعدها.
كيفية أداء الصلاة بالترتيب الصحيح
لإتمام الصلاة بشكل صحيح، هناك خطوات عديدة تجمع بين الأركان والواجبات والسُنن، يمكن تلخيصها كما يلي:
- أولًا: استحضار النية؛ فينوي المصلي أداء الصلاة.
- ثانيًا: استقبال القبلة؛ حيث يجب أن يوجه المصلي جسده وقلبه ناحية المسجد الحرام.
- ثالثًا: تكبيرة الإحرام؛ يقوم المصلي برفع يديه إلى أذنه ويقول: “الله أكبر”.
- رابعًا: تعديل الوضعية؛ يضع يداه على صدره بحيث تكون اليمنى فوق اليسرى، وينظر نحو موضع سجوده.
- خامسًا: دعاء الاستفتاح؛ يقرأ دعاء الاستفتاح وهو من سُنن الصلاة، ثم يستعيذ بالله قائلاً: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، ثم يبسمل: “بسم الله الرحمن الرحيم”.
- سادسًا: قراءة سورة الفاتحة؛ يقرأ سورة الفاتحة ثم يتلو ما تيسر له من القرآن.
- سابعًا: الركوع؛ يركع قائلاً: “الله أكبر”، ويضع يديه على ركبتيه، ثم يقول: “سبحان ربي العظيم”.
- ثامنًا: الاعتدال من الركوع؛ يرفع نفسه قائلاً: “سمع الله لمن حمده”، ثم يتبعها بقوله: “ربنا لك الحمد”.
- تاسعًا: السجود؛ يسجد على الأعضاء السبعة، ثم يقول: “سبحان ربي الأعلى”.
- عاشرًا: الجلوس بين الركعتين؛ يرفع نفسه من السجدة الأولى ويجلس على قدمه اليسرى.
- الحادية عشر: السجدة الثانية؛ يسجد كما فعل في السجدة الأولى.
- الثانية عشر: أداء الركعة الثانية؛ يقوم إلى الركعة الثانية قائلاً “الله أكبر”.
- الثالثة عشر: الجلوس للتشهد الأوسط؛ بعد الركعتين الأوليتين يجلس مفترشًا، ويتلو التشهد.
- الرابعة عشر: استكمال الصلاة؛ إذا كانت صلاة ثنائية، يُضيف الصلاة الإبراهيمية ثم يسلم.
- الخامسة عشر: التشهد الأخير؛ يجلس للتشهد الأخير ويقرأ ما قرأه من السابق وفقًا للصلاة الإبراهيمية.
- السادسة عشر: الخروج من الصلاة؛ يسلم عن يمينه ثم عن شماله قائلاً: “السلام عليكم ورحمة الله”.
- السابعة عشر: ما يقوله بعد التسليم؛ يقول: “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام”.
حكم ترك ترتيب الصلاة
كما تم توضيحه سابقًا، يعد الترتيب ركنًا من أركان الصلاة، وتشوب الصلاة بطلانها في حال تعمد الشخص تركه. لكن هناك حالات قد تصحح هذا الخطأ. إذا أثر معوق على المصلي أدى إلى تغيير ترتيب الأفعال بشكل غير متعمد، مثل الحيض، الجنون، أو الإغماء، فإنه يحق له قطع الصلاة وتجديد وضوئه ثم العودة. ينص العلماء أيضًا على أن من نسي فعلًا متكررًا، كأن يسجد سجدة واحدة بدلًا من اثنتين، فإنه يسجد تلك السجدة ثم يسجد سجود السهو. أما إذا ترك شيئًا غير متكرر كقيام أو ركوع، فلابد من إتمام ذلك بعد الانتهاء من الصلاة ويجب أداء سجود السهو بعد ذلك.
وأخيرًا، هناك تفصيل من بعض العلماء بتحديد جزاء الإخلال بالترتيب، مثل الشافعية الذين يرون وجوب التعويض عن الخطأ مباشرة قبل الوصول إلى موقعه في الركعة التالية.
ترتيب قضاء الصلوات الفائتة
يجب مراعاة الترتيب في قضاء الصلوات الفائتة وفقًا لجمهور العلماء، وهو ما يتوجب قضاؤها عند انتهاء وقتها. تفصيل ذلك هو كما يلي:
- الحنفية: يعتبر ترتيب الصلاة الفائتة واجبًا كما هو في أصلها، ويستدلون بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق.
- الحنابلة والمالكية: يوجبون مراعاة الترتيب في الصلوات الفائتة، سواء زاد عددها أم نقص.
- الشافعية: يرون أن مراعاة الترتيب في الصلوات الفائتة مستحب وليست واجبة.