تحليل رواية “نفر من الجن”
نشرت رواية “نفر من الجن” للكاتب الأردني أيمن العتوم في سبتمبر 2014، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وتُعتبر هذه الرواية واحدة من أبرز أعمال الكاتب الأدبية، حيث تدور أحداثها في صحراء الدهماء داخل “قرية طينية” تحت حكم الشيخ عايد، وتتركز حول الشخصية الرئيسية رضا، الذي يمتلك القدرة على رؤية ما لا يتمكن الآخرون من رؤيته أو فهمه.
تتضمن الرواية شخصيات غير بشرية، بما في ذلك مخلوقات من الجن وأخرى نصف جنية ونصف إنسية. ويستعرض العالم الذي تدور فيه أحداث القصة أبعادًا متعددة، منها العالم المادي والآخر الروحي (عالم الجن).
تتنقل شخصية رضا بين هذه العوالم، وتتناول الرواية العديد من المواضيع الفكرية المهمة، مثل الصراع بين الخير والشر. تمتاز الرواية بتنوع الأحداث حيث تجمع بين الإثارة والرعب والخيال، مع إضافة الكاتب بعدًا دينيًا غنيًا بالدروس والعبر.
تطرح الرواية تساؤلات حول المشكلات التي تواجه المجتمع في ظل حكم الظالم والطماع والمستبد، ممثلاً بشخصية الشيخ في النص. كما تعكس الرواية واقع المجتمع من خلال استغلال بعض الأفراد لمناصبهم، وابتكار الخرافات الاجتماعية والدينية، مثل الانخراط مع أشخاص يستغلون الدين لكسب ثقة الناس.
التحليل الأسلوبي لرواية “نفر من الجن”
لقد تألق أيمن العتوم في روايته، حيث يُظهر أسلوبه الخيالي والإبداعي في تشكيل الأفكار وربطها بشكل متقن. تجعل التفاصيل الغنية التي يقدمها بشكلٍ حيوي الأحداث حية في ذهن القارئ. يعتمد الكاتب على أسلوب الوصف ليعبّر عن حال الشخصيات ومشاعرها، مثل الانتباه إلى ملابسهم وغذائهم، مما يُبرز الفقر المدقع الذي يعاني منه رضا، ويعكس في المقابل ترف الشيخ عايد.
تتميز لغة الرواية ببلاغتها وجمالية تعبيراتها، حيث تتسم الجمل بالاختصار والعفوية؛ كما يتضمن النص حوارات. يمتاز أسلوبه بتأثيره الواضح باللغة العربية الفصحى، فقد استشهد في عدة مواضع بالآيات القرآنية التي تضيف لمسة دينية للمحتوى. ويتضح تأثُّره بالقرآن من خلال العنوان نفسه “نفر من الجن”، وهو تعبير ورد في سورة الجن.
استعمل الكاتب بمهارة صيغًا من القرآن الكريم في تصوير بعض المشاهد، مثل: “ولكم في القصاص حياة”، و”وألقت ما فيها وتخلت” عند ذكر ولادة الإبل، وضرب مثلاً بمساحة مكان الشيخ بعبارات مثل “جبل يعصمه من الماء”، مما يربط الرواية بقصص أخرى في التراث الديني.
الاستعارات والصور الفنية في رواية “نفر من الجن”
تعج الرواية بالأساليب الفنية التي تضفي جوًا من الإبداع، ومنها:
- وصف الليل عبر صورتين فنيتين:
- “بدا الليل فاتنة تتجول في دمي”.
- “كان الليل قد أطفأ كل عين”.
- وصف المطر بصورة مدهشة:
- “ظل يهطل كأن أبواب السماء انفتحت فجأةً، لتلقي بكل أثقالها إلى الأرض”.
الحوار والسرد في رواية “نفر من الجن”
تُقسم الرواية إلى أجزاء، يحمل كل منها عنوانًا فريدًا يتميز بقوة تعبيره، مما يجذب القارئ لمتابعة القصة. مثالاً على ذلك: “الطمع.. شيطان بستين قرن”، و”العطش إلى الماء جوع البشري إلى أصله”.
تتضمن الرواية وجهتي نظر في السرد، حيث تأتي بعض الأجزاء من منظور الشخصية الرئيسية رضا، والبعض الآخر من وجهة نظر الراوي الشامل. تضيف هذه التقنية جمالية إضافية للنص، بالإضافة إلى أنها لا تتبع تسلسلًا زمنيًا واضحًا، مما يمنح الرواية بعدًا من الغموض والإبداع.
علاوةً على ذلك، تتمتع الرواية بوجود حوارات سلسة وموجزة باللغة العربية الفصحى.
آراء النقاد حول رواية “نفر من الجن”
حظيت رواية “نفر من الجن” بانتشار واسع بين القراء، ومن الآراء النقدية التي توجهت إلى الرواية ما يلي:
- “أحببت الجانب الوصفي في العمل، وقد أعجبني خيال الكاتب الواسع في تصوير مجريات الأحداث؛ الجزء الأول كان غامضًا بعض الشيء مما استدعى إعادة قراءته، ولكن الأجزاء الأخرى كانت غنية بالأحداث، مما ساهم في إزالة الغموض عن الجزء الأول”، أميمة الخطيب.
- “خيال الكاتب جميل وواسع، وهناك أحداث مثيرة وكلمات راقية، أسلوب جميل وتسلسل رائع يجذب الانتباه، الأفكار جريئة. توقعت أن تكون الرواية ذات طابع إسلامي، لكن تعاطي الكاتب مع الأديان في تطور الأحداث كان متميزًا، لكن وجدت بأن السير الزمني للأحداث “مشوش””.
الشخصيات الرئيسية في رواية “نفر من الجن”
تضم رواية “نفر من الجن” مجموعة من الشخصيات البارزة، ومنها:
- رضا: الشخصية المحورية التي تدور حولها الأحداث، يُوصف بالفقر المدقع بعد فقدان والديه، وتقوم خالته أم سليم برعايته. يظهر على رضا علامات الذكاء وسرعة البديهة، ولديه قدرات خارقة.
- الشيخ عايد: شخصية رئيسية تمثل الطمع والاستبداد، يعيش في نعيم فقده مع الزمن.
- المقرئ (المعلم) علام: أول معلم للطلاب في القرية، يتميز بالعدالة في تعاملاته.
- أم سليم: خالة رضا، تراعيه بحنان شديد.
- سرمد: ابن الشيخ الذي يتمتع بدلال زائد ولديه سمات سلبية.
- سرحان: أحد طلاب الكتاتيب الذين يعرفهم رضا.
- قطرب: شخصية نصف جنية ونصف إنسية، يُعتبر صديقًا لرضا ويتميز بقدرة قراءة الأفكار.