التفسير العام لآية (إِن في ذلك لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى)
توجد هذه الآية الكريمة في سورة طه، وتختص بالحديث عن أولئك الذين يتمتعون بالعقول الراجحة. يشير البعض إلى أن الشخص يُطلق عليه ذو نهى بمعنى أنه يمتلك عقلًا يجعله ينأى بنفسه عن الفواحش والشرور. مما يعني أن الأشخاص يتعظون وينتهون عن ارتكاب المحرمات استناداً إلى الآيات والعبر التي يشاهدونها.
التفسير الخاص لآية (إِن في ذلك لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى)
فيما يتعلق بتفسير هذه الآية العظيمة، يُقال إن الله -سبحانه وتعالى- الذي يحمل الصفات العليا والأسماء الحسنى، هو الذي خلق كل شيء وأحسن تصويره. وقد منح الله الإنسان القدرة على التصرف بحكمة، ونزَل المطر من السماء ليحيي الكائنات الحية، وخلق الأزواج النفسية، وجعل الأرض مكاناً ملائماً للحياة.
أقام الله -سبحانه وتعالى- في الأرض سُبلًا يمكن للناس أن يستدلوا بها على الطريق، سواء في الذهاب أو الإياب، وفي السعي للعلم والعمل. وتجسد هذه النعم في مدى تفكر أصحاب العقول. يُطلق على العقل مصطلح “نُهى” لأنه يقود الإنسان إلى الامتناع عن جميع أنواع المعاصي والآثام، إذ يُعتبر أصحاب العقول هم من ينهون عن الضلالة. ومن خلال ذلك، يتبين صاحب العقل السليم الذي ينهى نفسه عن الكفر والشرك بالله -سبحانه وتعالى-.
كما يفسر أن “أُولي النُّهى” هم من يتصفون بالتقوى والعقل والحجة، وهو من يمتنع عن محارم الله -سبحانه وتعالى-، وهم أصحاب الورع الذين ينتهون عمّا يُحظر عليهم. يُفهم كذلك أنهم الذين يبتعدون عن المحرمات، وقد جاء ذلك من فم نبي الله موسى -عليه السلام- خلال دعوته لفرعون وقومه.
إن ما يراه هؤلاء المستنيرون من آثار الأمم السابقة التي كذبت الرسل -عليهم الصلاة والسلام- وما حلَّ بها من عذاب الله -سبحانه وتعالى- يُعتبر دليلاً وعبرة لأصحاب العقول والحجج، ويدل على ما ينهى عنه العقل والدين والفهم من أفعال تضرّ بالإنسان.
التفسير الإجمالي لآية (إِن في ذلك لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى)
تتناول هذه الآية الكريمة أن كلمة “أُولي النُّهى” وردت في القرآن الكريم في موضعين فقط ضمن سورة طه، مما يدل على أن الله -سبحانه وتعالى- أولى العقل أهمية خاصة. فقد كرم الله -سبحانه وتعالى- الإنسان وفضَّله على سائر المخلوقات بنعمة العقل. قد يكون عقل الإنسان مغيباً مؤقتاً، حيث أن المغيب جزئيًا يُعتبر عاقلًا، بينما المغيب كليًا يسمى مجنونًا.
أما المغيب عارضاً فهو الإنسان النائم، والمغيب مؤقتًا هو الصغير الذي لم يكتمل نضوجه العقلي. وفي هذه الأحوال الثلاثة، يُعفى الإسلام من التكليف. فالتكليف متوقف على وجود العقل، والعقل دائمًا ما يدل على وجود الله -سبحانه وتعالى-، لكن لا يُعتبر العقل وحده كافيًا لإقامة الحجة، فهو قاصر أمام علم الله -سبحانه وتعالى-.