تعريف الشبهات في الإسلام
يرتبط مصطلح الشبهات بعدد من القضايا المهمة في الإسلام، والتي يمكن تلخيصها في موضوعين رئيسيين هما:
- العقوبات، مثل الحدود والتعزير.
- الورع وترك المحرمات.
الشبهات في العقوبات
تشير الشبهات في العقوبات إلى حالة الغموض التي تحيط بالأمر، حيث لا يتضح بشكل قاطع ما إذا كان الشخص قد ارتكب الجريمة المستوجب عليها العقوبة أم لا. لذا، ينبغي التروي قبل تطبيق العقوبة، نظرًا لشدة العقوبات وخطورة الخطأ في هذا المجال.
على سبيل المثال، إذا ما أخطأ القاضي في الحكم بقطع يد شخص لم تثبت عليه جريمة السرقة بشكل قاطع، أو جلد شخص لم يتأكد القاضي من وقوع الزنا عليه، فإن الخطأ في هذه الحالة قد يكون irreversible. إذ أن الخطأ في العفو عن المذنب يعتبر أفضل بكثير من إدانة شخص برئ.
القاعدة العامة تقتضي أن الأصل في الإنسان هو البراءة. وهذه البراءة تعتبر يقينية ولا يجوز تحويل المسلم من البراءة إلى الإدانة في حالة وجود الشبهة. لذا، تعتبر الشبهة سببًا لدفع الحدود، وممنوعةً عن تطبيقها. فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ادرَؤُوا الحُدودَ بالشُّبُهات”. وبالتالي، يجب التوقف عن تطبيق الحدود في حال وجود شبهة للبراءة. وقد أجمع الفقهاء من مختلف المذاهب على صحة هذا القول، كما قال الإمام ابن المنذر: “وأجمعوا على أن درء الحد بالشبهات”.
الشبهات في الحلال والحرام
تعتبر الشبهات في هذا السياق حالة من الالتباس بين الحلال والحرام، حيث يكون هناك جانب حلال وآخر حرَام في نفس الشيء. في هذه الحالة، يجد المسلم نفسه في حيرة حول ما إذا كان هذا الأمر حلالًا أم حرامًا. فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ.”
في بعض الأحيان، قد يكون الحكم الشرعي واضحًا ومفصلاً، إلا أن بعض الناس قد يجهلون ذلك لقصور في فهمهم. لذا، قد تنشأ الشبهة من عدم قدرة الشخص المشتبه عليه على التمييز بين الحق والباطل، بينما يبقى الدين نفسه نقيًا وواضحًا من عند الله -تعالى-.
من خلال الحديث، قسم الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسائل في الدين إلى ثلاثة فئات كما يلي:
- الحلال الواضح الذي لا لبس فيه، مثل شرب الماء.
- الحرام الواضح الذي لا اشتباه فيه، مثل شرب الخمر.
- القضايا التي تتضمن وجوه شبه بين الحلال والحرام.
حكم العمل بالمشتبهات
تناول العلماء هذه المسألة بآراء متعددة كما يلي:
- الرأي الأول: يحرم العمل بالمشتبهات، ولا يجوز التصرف في الأمور المشروطة، استنادًا إلى الحديث السابق عندما قال: “استبرأ لدينه وعرضه”.
- الرأي الثاني: العمل بالأمور المشتبهة مسموح، ويجوز للمسلم القيام بتلك الأعمال، بناءً على الحديث الذي قال فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “كالراعي يرعى حول الحمى”.
- الرأي الثالث: لا تُعتبر الأمور المشتبهة من الحلال أو الحرام، بل هي مجرد أمور مشتبها بها.