تشابه الرجال بالنساء وأثره في المجتمع

تكوين الإنسان وفق إرادة الله

خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان في أفضل صورة وأحسن هيئة، حيث أوجده من زوجين، الذكر والأنثى، ليكون كل منهما تكملة للآخر. قال الله تعالى في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وقد اقتضت حكمة الله -تعالى- أن يمنح كلًا من الذكر والأنثى خصائص فريدة تجعل كل منهما متميزًا عن الآخر، فتلك الصفات تهدف إلى تحقيق التكامل بينهما. إذ وُهب الرجل القوّة البدنية المناسبة لطلب الرزق والعمل، بينما وُهبت المرأة ما يتناسب مع متطلبات الحمل والولادة والرعاية، إلا أن بعض الأفراد أصبح لديهم رغبة في تغيير هيئتهم الطبيعية وظهور صفات مشتركة بين الجنسين، مما يثير سؤالًا مهمًا: ما هو حكم تشبه الرجال بالنساء؟

تعريف التشبّه

تمتاز كلمة التشبّه بمعانٍ متعددة، سواء في اللغة أو الاصطلاح، وفيما يلي توضيح لهذه المعاني:

  • التشبّه لغةً: يُعرف في اللغة على أنه اسم، ويُقال: “تشبّه بفلان” بمعنى تمثل به أو اقتدى به. أما “تشبّه بالنّساء” فيعني تقليدهن في سلوكهن وحركاتهن. وفي معجم مقاييس اللغة، تعني المشابهة التقاء شيئين أو أكثر في صفات معينة، ويدل الأصل اللغوي على توافق الشيء في اللون والوصف.
  • التشبّه اصطلاحًا: يمكن تعريف التشبّه بعدة طرق، منها:
  • محاولة الفرد تقليد الآخرين في بعض الصفات أو الأفعال.
  • أن يكون الشخص متعمداً في تقليد من يتشبّه به في هيئة أو زي أو صفة معينة.
  • المغالاة في تقليد الآخرين في عادات أو تصرفات تُعدّ محرّمة شرعًا.

حكم تشبه الرجال بالنساء وشروطه

يُعتبر تشبّه الرجال بالنّساء والعكس من الأمور المحرّمة في الإسلام، التي يُعاقب عليها صاحبها، حيث تُعدّ من الكبائر التي تهدد مصير الشخص. ويستند ذلك إلى فطرة الله السليمة، وما يتضمنه التشبّه من أضرار دينية ودنيوية. وقد جاء في السُنّة النبوية:

  • روى الصحابي الجليل ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: “لعن الله المتشبهين من الرجال بالنّساء، والمتشبهات من النساء بالرجال”.
  • وروى الصحابي أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: “لعن الله الرجل الذي يلبس لباس المرأة، والمرأة التي تلبس لباس الرجل”.

ويتم تحديد التشبّه المذموم بما يلي:

  • أن يكون التشبّه عن علم وقصد من الشخص.
  • ألا يكون الشخص مُجبَرًا على هذا الفعل، فإن كان مُكرَهاً فلا إثم عليه، حيث قال ابن عباس: “إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه”.
  • أن يتعلق التشبّه بصفات مُشتركة بين الجنسين، أو عادات خاصة بأحدهما.

أوجه تشبّه الرجال بالنساء وفق رأي الفقهاء

أشار الفقهاء إلى عدة أوجه يتجلى فيها تشبّه الرجال بالنّساء، وغالبها تتعلق بالأفعال الظاهرة، مثل تعديل طريقة الحديث أو تصرفات معروفة عن النساء، كالزغاريد في المناسبات، حيث أشار الفقهاء إلى كراهة ذلك للرجال، بل يصبح محرمًا إذا كان القصد منه التشبّه. كما يُعتبر بعض الأفعال التي كانت تقليدية للنساء محرمًا عندما يقوم بها الرجال، بالإضافة إلى تقليد الملابس والمظهر والزينة.

استراتيجيات معالجة ظاهرة تشبّه الرجال بالنساء

تتمثل الخطوات الحاسمة اللازمة لمعالجة ظاهرة تشبّه الرجال بالنساء، والظواهر الممنوعة عمومًا، فيما يلي:

  • تربية الأفراد وتعزيز الفروق السلوكية بين الجنسين.
  • تعزيز مفهوم الرجولة لدى الشباب.
  • ربط الشباب بنماذج قدوة صالحة، مثل النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم- وصحابته الكرام.
  • نشر الوعي بمبادئ الإسلام وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
  • تعليم الشباب أساسيات الدين الإسلامي وأحكامه.
  • تشجيع تواصل الشباب مع العلماء والمرشدين الروحانيين عبر وسائل الإعلام.
  • إلهام الأمل في نفوس الشباب ومحفزتهم على الالتزام بالمسار الصحيح.
  • تعزيز الجوانب التربوية في المدارس ومراقبة المخالفات الأخلاقية.
  • ملء أوقات فراغ الشباب بأنشطة مفيدة ونافعة.
  • توضيح مفهوم الحرية ومعناها الصحيح بعيدًا عن الانفلات.
  • تعليم الشباب كيفية انتقاء الأحسن من الأخلاق والسلوكيات.
  • تعديل العادات الاجتماعية السلبية والتخلص منها.
  • توفير الرعاية النفسية والاجتماعية للحالات التي تتطلب ذلك.
  • تحقيق الرقابة الدائمة على المجتمع لمراقبة السلوكيات والانحرافات.
Scroll to Top