تاريخ مدينة الدار البيضاء: نظرة شاملة على تطورها عبر العصور

مدينة الدار البيضاء

تُعتبر الدار البيضاء واحدة من أبرز المدن العربية في المغرب، حيث تقع جغرافياً على ساحل المحيط الأطلسي. تضعها إحداثياتها الفلكية عند خط طول 7.606636 غرب خط غرينتش، ودائرة عرض 33.578456 شمال خط الاستواء. تمثل الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية والتجارية للمملكة المغربية، وتحتل المرتبة الأولى بين المدن المغربية من حيث المساحة، إذ تمتد على مساحة تبلغ 873 كيلومتر مربع. يُعرف عنها أيضاً اسم كازابلانكا. يعتمد اقتصاد المدينة على مجموعة من القطاعات بما في ذلك الصناعة، حيث تبرز صناعة النسيج، السيارات، المواد الغذائية، والإلكترونيات. كما تلعب القطاعات المتعلقة بإنتاج وتصدير الفوسفات والحبوب، والاستثمارات الأجنبية، والمؤسسات المالية مثل البنوك والبورصة، بالإضافة إلى القطاع السياحي، دوراً مهماً في تعزيز اقتصادها.

تاريخ مدينة الدار البيضاء

تأسست مدينة الدار البيضاء سنة 768 ميلادي على يد الأمازيغ من مملكة بورغواطة، وقد عُرفت في البداية باسم (آنفا). وفقاً للروايات التاريخية، يُعتقد أن المدينة أُسست بعدما انتقل الزيانيون إلى مناطق تامسنا وتادلة. كما أشار ليون الإفريقي (ابن الوزان) إلى تأسيس الرومان للمدينة، بينما تحدث آخرون عن الفينيقيين. ومع ذلك، يعتقد معظم المؤرخين أن الأمازيغ الزناتيين هم من أسّسوا المدينة. خلال فترة حكم المرينيين، كانت الدار البيضاء مدينة صغيرة تُمارس التجارة البحرية، وخصوصاً مع البرتغال وإسبانيا، حيث عمل سكانها في قرصنة السفن، لا سيما السفن البرتغالية، مما أدى إلى تدمير المدينة عام 1486 على يد البرتغاليين نتيجة لهذه الهجمات. أقام البرتغاليون قلعة محصنة في عام 1515، إلا أنهم لم يُكملوا بناءها بعد الهزيمة التي تعرضوا لها على يد المرينيين. تلا ذلك تدمير المدينة، باستثناء ضريح سيدي علال القيرواني، حتى تمت إعادة بنائها في عصر الدولة العلوية خلال حكم السلطان سيدي محمد بن عبد الله، حيث أصبح اسمها الدار البيضاء وبنيت فيها قلعة محصنة للجنود. شهدت المدينة خلال عام 1830 تطوراً ملحوظاً في قطاع التجارة، وبلغت ذروتها في إزدهارها خلال فترة السلطان العلوي مولاي الحسن الأول، حيث أصبحت مركزاً لجذب الحرفيين والتجار.

استعمار فرنسا للمدينة

في عام 1907، اندلعت ثورة في الدار البيضاء نتيجة سيطرة الشركة المغربية الكبرى التابعة لفرنسا على الأراضي الفلاحية وإهانتها لحرمة المقابر لبناء سكة حديد. على الرغم من الجهود المبذولة لصد الهجوم الفرنسي، فإن المدينة سقطت تحت السيطرة الفرنسية. بعد فرض الحماية الفرنسية عام 1912، شهدت المدينة تطورات كبيرة، حيث أصبحت مركزاً اجتماعياً واقتصادياً، وارتبطت بطريقة وثيقة بفرنسا من خلال احتضانها أكبر ميناء في المملكة المغربية. خلال القرن العشرين، برزت مكانة المدينة كأحد المراكز الاقتصادية المهمة، مع تشييد مسجد الحسن الثاني، مما يعزز إشعاعها الروحي والعلمي على المستوى الوطني والدولي، وخصوصاً في العالم الإسلامي.

Scroll to Top