فهم التجارة مع الله
التجارة مع الله
تشير التجارة مع الله إلى التزام المسلم بما أمره الله -سبحانه وتعالى- به، والابتعاد عن المحرمات التي نهاه عنها. وتتجلى هذه التجارة في الإكثار من الأعمال الصالحة والأفعال الخيّرة التي تهدف لكسب رضا الله -عز وجل-. إنها تجارة تظل دائمًا خارج نطاق الخسارة، حيث تحقق أرباحًا مستدامة، على عكس تجارات الدنيا التي ترافقها المكاسب والخسائر.
تعتبر أرباح التجارة مع الله -عز وجل- مرتفعة للغاية، كما يوضح ذلك قول الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ). ولا يمكن أن تتضمن هذه التجارة أية أشكال من الغش أو النصب، إذ إنها مخصصة تمامًا لوجه الله -سبحانه وتعالى-.
وعد الله -سبحانه وتعالى- عباده بأن يجزيهم الأجر المضاعف، وذلك كما نقرأ في القرآن الكريم: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا). الله -عز وجل- يكافئ الفاعلين للخير بمضاعفة الثواب، حيث يحصل المؤمن على الأجر العظيم من إحسانه لنفسه ولغيره، مما يشجعه على السعي نحو التجارة مع الله -عز وجل- لنيل رضاه والوصول إلى درجات عالية في جنات النعيم.
التجارة مع الله في القرآن الكريم
جاء مفهوم التجارة مع الله -سبحانه وتعالى- في آي الذكر الحكيم، ومن ذلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ). وأوضح العلماء أن سبب نزول هذه الآية هو سؤال الصحابة -رضي الله عنهم- للنبي -صلى الله عليه وسلم- حول أفضل وأحب الأعمال إلى الله -سبحانه وتعالى-، وهو ما أدى إلى نزول الآية الكريمة التي قدمت لهم التجارة الرابحة مع الله -عز وجل-، مؤكدة: (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
أنواع التجارة
تتوزع التجارة إلى عدة أنواع، من بينها ما يعرف بالتجارة الآجلة، والتي تعتبر من أفضل أنواع التجارة التي تظل دائمًا رابحة، إذ إنها تتعلق بالتجارة مع رب العالمين. يتطلب هذا النوع من التجارة استثمار الوقت والجهد في سبيل إرضاء الله -سبحانه وتعالى-. وقد تم تسليط الضوء على هذا في القرآن الكريم من خلال قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ).
هناك أيضًا نوع آخر من التجارة، وهو التجارة التي تُعامل فيها الدنيا والآخرة، حيث يتحلى المسلم بنية جيدة في تجارته لاحتساب الثواب والأجر، مع الحرص على اتباع الحلال والابتعاد عن المحرمات من أجل نيل رضا الله -عز وجل-. في حين يوجد نوع ثالث وهو التجارة العاجلة، التي يهدف منها المسلم فقط إلى الحصول على الربح الدنيوي دون أي اعتبار للنية الطيبة أو التعامل الحلال.