اتخاذ القرار
يمر الإنسان خلال حياته بمجموعة من المتغيرات والظروف التي تُثير دافعيته تجاه قضايا معينة على حساب غيرها، أو تجعله مُلزماً باختيار أمر بين مجموعة من الخيارات المتاحة. ويعد التوازن بين الأولويات والمتطلبات أحد العوامل التي تؤثر في عملية اتخاذ القرار. يمكن أن تؤدي هذه العملية، سواء للأفراد أو المؤسسات أو المجتمعات، إلى مشاعر الحيرة والارتباك بسبب أجندة الاختيارات المتعددة، حيث تطرح كل المجالات مواقف تتطلب الاختيار بين البدائل المتاحة، وهو ما يُعرف إدارياً باتخاذ القرار.
تعريف اتخاذ القرار
التعريف اللغوي
تشير معاجم اللغة العربية إلى ارتباط مصطلح “اتخاذ القرار” بالنظم الإدارية، حيث تُعرّف بأنه نشاط يُمارسه المدراء. لغويًا، يُعتبر اتخاذ القرار عملية اختيار نهج أو مسار أو آلية من بين عدة بدائل متاحة، ويعكس الرأي لدى من لديه الخيار والتفويض.
التعريف الاصطلاحي
تتعدد التعريفات الاصطلاحية المتعلقة باتخاذ القرار، وتعكس اتجاه العملية وتصنيفها. فمن منظور بعض الباحثين، تُعتبر عملية اتخاذ القرار فعلاً عقلياً مُعقداً يستهدف اختيار البديل الأنسب أو الحل الأمثل لتحقيق الأهداف؛ بما يتماشى مع خصائص الموقف وتعدد البدائل. تُصنف هذه العملية على أنها تفكير مُخطط ومنظم يعتمد على تقييم البدائل والحلول المقترحة لمعالجة مواقف أو مشاكل معينة. يتم من خلالها اتخاذ القرار بناءً على المعلومات المستندة إلى تشخيص دقيق وتقييم مدروس للخيارات، يلي ذلك التنفيذ وإجراء التقييم للنتائج النهائية.
التعريف الإداري
يعتمد العلماء في علم الإدارة في تعريفهم لعملية اتخاذ القرار على خصائصه العامة، بما في ذلك المحتوى التعبيري والفكري. وباستنادهم على هذه الخصائص، يُعرف اتخاذ القرار بأنه عملية مدروسة تهدف لاختيار أحد البدائل المتاحة من خلال تحليل شامل لكل جوانب الموقف أو المشكلة المعنية. وبالتالي، تُعد هذه العملية مفاضلة تحليلية مع التركيز على اختيار أفضل بديل لتحقيق الأهداف المتناسب مع عناصر الموقف.
تنضوي تحت هذا التصنيف مجموعة من التعريفات المتقاربة، من أبرزها:
- نيجرو: عرّف اتخاذ القرار بأنه عملية اختيار واعٍ لبديل بين الخيارات المتاحة في موقف معين.
- درويش: ينظر إليه على أنه القرار النهائي والإرادة الواضحة من صانع القرار حول الإجراءات التي يتعين اتخاذها لتحقيق هدف معين.
- ماكلوري: يُعرف بأنها عملية الوصول إلى المعلومات ومعالجتها لتحقيق الأهداف في سياق معين.
- هاريس: اعتبرها دراسة تحليلية تهدف إلى تمييز البدائل المتاحة استنادًا إلى قيم ومؤشرات لاختيار الأنسب.
التعريف العملي
تظهر تعريفات أخرى تعتمد على الجانب العملي الذي يسبق عملية الاختيار، حيث يتم اعتبار القرار كاختيار يُفضل من قِبل المدير أو صانع القرار بعد تحليل الموقف وتحديد الإجراءات الإيجابية التي يجب اتخاذها.
تصنيف اتخاذ القرار
اتبع الباحثون في تصنيف اتخاذ القرار مناهج متنوعة تعتمد على المهارات المطلوبة. وقد صنفت العملية إلى أصناف حسب وجهات نظر مختلفة. حيث اعتبر البعض أنها واحدة من استراتيجيات التفكير، نظراً لارتباطها بحل المشكلات وتكوين المفاهيم. بينما رأى آخرون أن اتخاذ القرار هو عملية حل المشكلات التي تتطلب اتخاذ قرارات لمعالجة المواقف. وقد يتم تصنيف اتخاذ القرار أيضًا كمجموعة من المهارات العليا في التفكير مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والتفكير الإبداعي.
أهمية اتخاذ القرار
يتجلى دور اتخاذ القرار بشكل أساسي في العمليات الإدارية، حيث تُعتبر القرارات والمفاضلات ضرورية في جميع جوانب الإدارة ووظائفها. تتضح أهمية اتخاذ القرارات الإدارية في مجالات التخطيط، وضع الأهداف، والسياسات التي تتبعها المنظمة، مما يعكس هويتها واختصاصاتها. كما تلعب القرارات دورًا في تحديد الموارد وتوجيه العمليات، وإقامة الهياكل التنظيمية المناسبة للنشاطات. ولا تغفل أهمية اتخاذ القرارات في العمليات الرقابية والإشرافية، التي تهدف إلى تقييم الأداء وتحديد الخطوات التصحيحية المناسبة.