تحليل قصيدة “جاءت معذبتي”

تحليل قصيدة “جاءت معذبتي”

يعتقد البعض أن قصيدة “جاءت معذبتي” قد كُتبت من قبل الشاعر لسان الدين بن الخطيب بقصد التعبير عن مشاعره تجاه محبوبته. لكن الحقيقة هي أن الشاعر استخدم القصيدة لتسليط الضوء على الآلام التي عاناها أثناء فترة مرضه. في هذه الأبيات، يستعرض معاناته بطريقة تجعل القارئ يشعر بألمه، لدرجة أنه كان يعاني من الأرق ليلاً. وتتسم هذه القصيدة بلغة سلسة ومعاني لطيفة تعبر عن مشاعر الشاعر. وفيما يلي تحليل لأبيات القصيدة.

جَاءَتْ مُعَذِّبَتِي فِي غَيْهَبِ الغَسَقِ

كَأنَّهَا الكَوْكَبُ الدُرِيُّ فِي الأُفُقِ

تتناول هذه الأبيات الألم الذي عانى منه الشاعر بسبب مرضه، الذي يتفاقم عادةً خلال ساعات الليل. فيحدث الشاعر عن مرضه باعتباره كالعشيقة التي تعذب قلبه بشدة افتتانه بها. وتأتي لزيارته في ساعات الليل الأولى، لتضيء له عتمته مثلما تُنير النجوم السماء. وبالمثل، تزداد معاناته مع دخول الليل، مما يجعله يشعر وكأن الوقت لا يزال نهاراً ولا يمكنه الاستمتاع بنوم هادئ.

فَقُلْتُ نَوَّرْتِنِي يَا خَيْرَ زَائِرَةٍ

أمَا خَشِيتِ مِنَ الحُرَّاسِ فِي الطُّرُقِ؟

في هذه الأبيات، يخاطب الشاعر محبوبته، معبراً عن سعادته بزيارتها، حيث تنير له ظلام ليلته. فهو يتساءل باستغراب: ألم تخشي من وجود الحراس في الطريق؟ يدعو الشاعر كذلك مرضه بشكل ما، حيث يتحدث إليه مخاطباً إياه كأنه زائر غير مرغوب.

فَجَاوَبَتْنِي وَدَمْعُ العَيْنِ يَسْبِقُهَا

مَنْ يَرْكَبِ البَحْرَ لا يَخْشَى مِنَ الغَرَقِ

تجيب المحبوبة وهي تبكي، مشيرةً إلى أن العشاق لا يهابون أي خطر في سبيل رؤية أحبائهم، مثل البحّار الذي يتحدّى الأمواج بغض النظر عن المخاطر التي تواجهه. وهذا المعنى يعكس أيضاً إصرار الشاعر على مسار الألم الذي يعيشه.

فقلت هذي أحاديثٌ ملفقة

موضوعة قد أتت من قول مختلق

يرد الشاعر على حديث محبوبته، معبراً عن اعتقاده بأن كلماتها ضعيفة ولا تستند إلى الحقائق، وأن ما تسرده هو مجرد خيال. هنا، يُظهر الشاعر أن مرضه لا يزوره عن حب، بل ليبقيه ساهراً دون راحة.

فقالت وحق عيوني عزّ من قسم

وما على جبهتي من لؤلؤ الرمق

إني أحبك حباً لا نفاد له ما دام

في مهجتي شيء من الرمق

ترد الحبيبة وهي تُقسم بأن حبها للشاعر ثابت ولا ينضب ما دامت على قيد الحياة. تُعبر عن مشاعرها القوية التي تجعلها غير مدركة للمخاطر.

فقمت ولهانَ من وجدي أقبلها

زحتُ اللثام، رأيتُ البدر معتنقِ

قبلتها، قبلتني، وهي قائلة

قبلت فاءِ، فلا تبخل على عنقي

يشير الشاعر هنا إلى ولعه الكبير بمحبوبته، حيث يذهب ليقبلها في لحظة intensa من المشاعر. وقد أزال ما يغطي وجهها ليكتشف جمالها كما البدر، وهو ما يعكس شغف العشاق.

قلت العناق حرامٌ في شريعتنا

قالت أيا سيدي واجعلهُ في عنقي

في هذا المقطع، يُشير الشاعر إلى أن العناق محرم في ثقافته، لكن الحبيبة تصر على حضنه برغم ذلك. يعكس هذا الاشتياق تفاصيل مرضه الذي يجعله يتعلق به أكثر.

لسان الدين بن الخطيب

محمد بن عبد الله بن سعد السلماني، المعروف بلسان الدين بن الخطيب، لم يكن شاعراً فحسب، بل كان فيلسوفاً وطبيباً وسياسياً، وله مجموعة كبيرة من المؤلفات بما في ذلك قصيدة “جاءت معذبتي” الشهيرة، التي نالت شهرة واسعة في عالم الموسيقى.

معاني المفردات في قصيدة “جاءت معذبتي”

في الجدول أدناه، نقدم معاني بعض المفردات الواردة في القصيدة:

الكلمةالمعنى
غيهبالظُلمة الشديدة.
الغسقعتمة أول الليل.
الدريالمتلألئ.
ملفقةمزخرفة.
مُهجةدم القلب أو الروح.
الرمقبقية الروح، آخر النفس.
ولهانمتحير وتائه من شدة الحب.
Scroll to Top