صياغة جديدة لصلاة العيد
تُعرف صلاة العيد بأنها الشعائر التي يؤديها المسلمون في عيد الفطر، المعروف أيضاً بـ”العيد الصغير”، وعيد الأضحى، الذي يُشير إليه باسم “العيد الكبير”. وتتألف هذه الصلاة من ركعتين، يتضمن كل منهما عددًا من التكبيرات المتميزة عن تلك الممارسة في الصلوات الأخرى.
فضل وحكمة صلاة العيد
تُعتبر صلاة العيد من الشرائع الإلهية الظاهرة، وهي عبادة خاصة تميزت بها أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-. وتُعدّ هذه الشعيرة العظيمة تتويجاً لعبادتين رائعتين هما صيام شهر رمضان وحج بيت الله الحرام. كما تُعتبر هذه الصلاة بمثابة شكر لله -تعالى- على هذه العبادات، وتُسهم في تقوية أواصر الأخوة بين المسلمين وتعزيز المودة والتراحم بينهم.
تُعدّ صلاة العيد بركة وطهارة للمسلمين، كما أنها من أفضل النوافل التي يُثاب الله -تعالى- عباده عليها. على الرغم من عدم الوارد في فضلها أجر محدد، إلا أنها ضمن الأعمال الصالحة التي تُشهد لطاعة الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه الطاعة تُعدّ من الأسباب التي تقود إلى دخول الجنة والنجاة من النار.
حكم صلاة العيد
تتراوح الآراء الفقهية حول حكم صلاة العيد بين ثلاث اعتبارات، تُوضّح فيما يلي:
- الحنفية: اعتبروا صلاة العيد واجبة على من تجب عليه صلاة الجمعة، ولكنهم لم يُوجبوا الخطبة، واختاروا اعتبار الصلاة سنة مستحبة. ويستندون في هذا الرأي إلى المواظبة الثابتة للنبي -صلى الله عليه وسلم- على أداء صلاة العيد.
- المالكية والشافعية: يرون أنها سنة مؤكدة في حق من تجب عليه صلاة الجمعة، حيث تُوجب على كل ذكر بالغ حر مقيم في البلد الذي تُقام فيه الجمعة. وفقًا للشافعية، تُشرع صلاة العيد للفرد كما تُشرع للجماعة، في حين أن المالكية لا يعتبرونها مشروعة للصبيان والنساء والمسافرين. واستند الشافعية والمالكية في ذلك إلى استمرار النبي -صلى الله عليه وسلم- على أداء هذه الصلاة.
- الحنابلة: يرون أن حكم صلاة العيدين هو فرض كفاية. فإذا أداها عدد من المسلمين، سقطت عن الآخرين، وإن كان عدد المصلين لا يقل عن أربعين شخصاً.
وقت صلاة العيد
يبدأ وقت صلاة عيد الأضحى عند ارتفاع الشمس بقدر يُعادل رُمح، بينما يُبدأ وقت صلاة عيد الفطر عند ارتفاع الشمس بقدر رمحين.
مكان صلاة العيد
تُفضل صلاة العيد في الساحات العامة خارج المدينة، حيث يُستحب الخروج إلى الفضاء لأداء العيد كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد اتفق الأئمة الأربعة على ذلك، ولا يُستحب أداء الصلاة في المساجد إلا في حالات استثنائية مثل الطقس السيئ.
شدد الشافعية على أن الصلاة في المساجد تُعتبر أفضل من الجولوج الخارجية، إذ تعكس جوًا من النظافة والاحترام، وقد أذنت لهم الظروف الخاصة في الصلاة خارجًا، مثل عدم اتساع المسجد لاستيعاب المصلين. كما أن أهل مكة يؤدّون صلاة العيد في المسجد الحرام، نظرًا للتحديات الجغرافية للصلاة في المساحات الخارجية.
كيفية أداء صلاة العيد
يتفق جميع الفقهاء على أن عدد ركعات صلاة العيد هو اثنتان، ويستندون في ذلك على قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “صلاة الجمعة ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان”. وتوضح كيفية أداء الصلاة كما يلي:
- الحنفية: تبدأ بصلاة العيد بتكبيرة الإحرام تليها ثلاث تكبيرات في الركعة الأولى قبل القراءة، وثلاث تكبيرات في الركعة الثانية بعد القراءة.
- المالكية والحنابلة: الصلاة تتكون من ست تكبيرات في الركعة الأولى وخمس تكبيرات في الركعة الثانية، وتُؤدى جميع التكبيرات قبل القراءة.
- الشافعية: الصلاة تتضمن سبع تكبيرات في الركعة الأولى وخمس في الثانية، مع تكبيرات قبل القراءة.
يوصى بالقراءة من سورة الأعلى في الركعة الأولى بعد الفاتحة، وسورة الغاشية في الركعة الثانية، وفقًا لقول الجمهور من الفقهاء. وتكون القراءة من السورتين مستحبة وليست واجبة، ففي الثانية تُقرأ سورة الشمس عند المالكية، وسورة ق وسورة القمر عند الشافعية. ولا يوجد أذان أو إقامة لصلاة العيد، ولكن يُستحب المناداة للصلاة بعبارة “الصلاة جامعة”.
يبدأ المصلّي بعقد النيّة في قلبه واللفظ بها، ويقوم الإمام والمأموم بالمثل، وهذا رأي جمهور الفقهاء، بينما تتباين آراء المالكية في ذلك. بعد تكبيرة الإحرام، يقرأ الإمام دعاء الاستفتاح ثم سورة الفاتحة وسورة بعدها بصوت عالٍ، ثم يقوم بالتكبير للركوع.
بعد الركعة الأولى، يتبع الإمام التكبيرات في الثانية بحضور الفاتحة ثم ما تيسر له، وعند الانتهاء من الصلاة، يقف الإمام ليخطب بالناس مشجعًا ومذكرًا، مُتبعًا ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في رواية أبو سعيد الخدري.
التكبيرات في صلاة العيد
يبدأ المصلّي بتكبيرة الإحرام ويتبعها التكبيرات الزائدة، ويتكرر ذلك في الركعة الثانية، كما تم توضيح عدد التكبيرات في كل مذهب سابقًا.
عدد ركعات صلاة العيد
حدد ابن عباس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد ركعتين، وهذا إجماع بين الفقهاء، وهو ما يعني أنه لا خلاف في أن صلاة العيد تُؤدى في ركعتين فقط.
خطبتا العيد
اتفق الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة على أن خطبتي العيدين سنّة، في حين اعتبر المالكية أن الخطبتين مندوبتان. ومن وجهة نظر الحنابلة والشافعية، يُنظر إلى السنة والمندوب بشكل مماثل، ولذلك فإنهما يعتبران مندوبتين أيضًا في كل مذهب.
سنن صلاة العيد
تتعلق بصلاة العيد العديد من السنن والآداب، ومنها:
- أداء الصلاة في أماكن واسعة خارج المدينة، إظهاراً لشعيرة الصلاة واجتماع المسلمين.
- استحباب تقديم صلاة عيد الأضحى وتأخير صلاة عيد الفطر.
- الأكل قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر، ويُنصح بتناول التمرات، بينما يُستحب تأخير الإفطار في عيد الأضحى.
- البكور الذهاب للصلاة بالتكبيرات لنيل أجر الانتظار، والتوجه إليها سيرًا على الأقدام.
- الاغتسال والتطيب وارتداء أفضل الملابس.
- تقديم الوعظ والتذكير في خطبة العيد، وتحفيز الناس على فضائل الأعمال وأمور الدين مع الإشارة إلى أحكام الأضحية.
- الإكثار من ذكر الله -تعالى- والتكبير، وخاصة بصوت عالٍ للرجال وسرًا للنساء.
- الذهاب إلى صلاة العيد من طريق والعودة من طريق آخر، ليشهد للطريقين بالخير، وهو ما قام به النبي -صلى الله عليه وسلم- وفق ما رواه جابر بن عبدالله.