تأثير الآباء على أبنائهم
تعد تصرفات الآباء وأساليب تعاملهم مع بعضهم البعض ومع الآخرين أمام أطفالهم عوامل حاسمة في تشكيل مشاعر وشخصيات وسلوكيات الأبناء. الطفل، الذي يفتقر إلى الخبرات الحياتية، يعتبر تصرفات والديه بمثابة النموذج المثالي، حيث يعتقد أن ما يقومون به هو الصحيح، ويدرك أن هناك توقعات منه ليتصرف بنفس الطريقة. إذا كان أحد الوالدين يمر بمشاعر قوية مثل الاكتئاب أو الضيق، فإن الطفل يتعلم كيفية التعامل مع هذه المشاعر من خلال مراقبة والدته أو والده، مما يؤثر لاحقًا على كيفية إدارتهم لمشاعرهم الخاصة.
وعلى صعيد آخر، تؤثر عادات الآباء في الأكل وكميات الطعام والروتين اليومي بالإضافة إلى العناية بالمظهر على الأبناء بشكل غير مباشر؛ حيث يستوعب الطفل هذه العادات كقواعد يجب اتباعها دون وعي. وتجدر الإشارة إلى أن الكلمات التي تتفوه بها أثناء حديثك لها تأثير كبير على تفكير الطفل وشعوره نحو نفسه والآخرين. يمكنك استغلال هذا التأثير لتطوير قدرة طفلك على فهم التجارب ومشاعر الآخرين، مما يساعده في إدارة سلوكه بشكل أفضل.
أنماط الأبوة الأربعة
يمكن تصنيف أنماط الأبوة إلى أربعة أنواع، وهي:
- الأبوة الاستبدادية: تتطلب هذه النمط من الآباء من أطفالهم اتباع قواعد صارمة، حيث يتم معاقبتهم عند مخالفتها. يفتقر هؤلاء الآباء إلى الشرح حول أسباب وجود هذه القواعد، حتى عند استفسار الأبناء عن ذلك. يتم توقع الكمال من الأطفال، ولا يقدم الآباء أي إرشادات حول كيفية تحقيق ذلك، وغالبًا ما يتم معاقبتهم بقسوة دون معرفة سبب العقاب.
- الأبوة الموثوقة: تُعتبر هذه النمط أكثر ديمقراطية، حيث يضع الآباء قواعد للسلوك، ولكنهم أكثر انفتاحًا على استفسارات أبنائهم. يقدم هؤلاء الآباء الرعاية والدعم الكافي، ويتعاملون بتسامح مع سلوك أبنائهم، حيث تكون طرقهم التأديبية داعمة بدلاً من أن تكون عقابية.
- الأبوة المتساهلة: يُعرف الآباء في هذا النموذج بأنهم “متسامحون”، حيث يطلبون القليل جدًا من أبنائهم ونادرًا ما يقومون بتأديبهم، ويرجع ذلك إلى توقعاتهم المنخفضة بشأن النضج وضبط النفس. غالبًا ما يتواصل الآباء مع أطفالهم بشكل ودود، فيتحولون إلى أصدقاء أكثر منهم أولياء أمور.
- الأبوة غير المتورطة: تُعرف أيضًا بالأبوة المهملة، حيث تتسم بقلة المطالب والاستجابة. يكتفي هؤلاء الآباء بتلبية الاحتياجات الأساسية لأبنائهم، ولكنهم يظلون بعيدين عن حياتهم، تاركين أطفالهم بدون توجيهات أو نصائح.
أبعاد تأثير الآباء على سلوك الأبناء
هناك عدة أبعاد تؤثر في سلوك الأبناء، نذكر منها:
- السلوكيات الاجتماعية: يتعلم الأطفال أساليب السلوك الاجتماعي المختلفة من آبائهم، بدءًا من قول “من فضلك” و”شكراً”، وحتى كيفية الوقوف والتحدث مع الآخرين. إذا كانوا الآباء انطوائيين، فمن المحتمل أن يعكس الأبناء هذا السلوك.
- التعامل مع المشاعر: تؤثر طريقة تعامل الآباء مع مشاعرهم سواء كانت إيجابية أو سلبية على سلوك الطفل، فإذا لجأ الآباء إلى الصراخ والضرب أثناء التوتر، فإن الطفل يخشى من هذا السلوك وينغلق على ذاته.
- خلافات الآباء: إذا كان الوالدان يتعاملان مع الاختلافات بشكل ناضج وبعيد عن الأطفال، فإن ذلك يساعد الأطفال في تعلم كيفية إدارة النزاعات بشكل صحيح. ولكن، إذا كانت الأجواء تنطوي على العنف أو العبارات القاسية، فيمكن أن تترك هذه التجارب آثارًا سلبية عميقة على الأطفال، مما ينعكس في سلوكهم مع الآخرين لاحقًا.