دراسة شاملة حول الأعداد

الأرقام

منذ القدم، أدرك البشر مفهوم العدّ والأعداد، ولكنهم لم يمتلكوا رموزًا تعبر عن ذلك. اعتمد الناس في البداية على الأصابع، الحصى، وحتى العصيّ لأغراض العد، حتى جاء الابتكار الأسيوي القديم المعروف بالمعداد. هذا الجهاز يتكون من إطار يحتوي على أسلاك (قضبان) محاطة بخرز يمثل الأعداد. وقد أدى ظهور المعداد إلى تسهيل العديد من العمليات الحسابية. لكن ظلت هنالك حاجة للتعبير عن تلك الأعداد بشكل موحد، حتى ظهرت الأرقام عند المصريين القدماء في عام 3000 ق.م، حيث تم تقديم رموز تُستخدم للإشارة إلى الأعداد، مثل الرمز (30) الذي يمثل العدد ثلاثين.

تطور الأرقام

ابتكر المصريون القدماء مجموعة من الرموز التعبيرية للأعداد، حيث استخدموا رموزًا تمثل الأعداد من 1 إلى 9، تشبه أصابع اليد، ورمزًا يشبه القوس يعبر عن الرقم 10، في حين كانت خيوط ملفوفة تدل على العدد 100؛ أما زهرة اللوتس فاستُخدمت للإشارة إلى العدد 1000، نظرًا لكثرتها في مصر. وبالإضافة لذلك، تم توظيف رسم لخارطة الضفدع لتعبر عن العدد 100000، إذ يُعتقد أن اختيارها جاء نتيجة كثافتها في فترة تكاثر الضفادع.

على جانب آخر، استخدم البابليون رموزًا تشبه رؤوس السهام في الكتابة على الألواح الطينية لتمثيل الأعداد. وبعد مرور ألفين وخمسين عامًا، قام الإغريق بتطوير نظام عددي يعتمد على أبجديتهم، في حين أبدع الهنود أرقامًا مشابهة جداً للأرقام المستخدمة اليوم. وبحلول القرن الخامس قبل الميلاد، طور الرومان نظامًا عدديًا ما زال يسهل استخدامه حتى اليوم، حيث يتضمن رموزًا مستمدة من الأبجدية الرومانية؛ فعلى سبيل المثال، الحرف (I) يماثل الرقم (1)، بينما يشبه الحرف (V) الرقم (5)، والحرف (X) يمثل الرقم (10). ولا يزال نظام الأرقام الروماني مستخدمًا اليوم للتعبير عن أحداث معينة أو كخلفية لبعض الساعات.

الأرقام العربية

تشير الأرقام العربية إلى الأرقام: (0، 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9)، في حين تُعبّر الأرقام الرومانية عن نفسها من خلال الرموز: (I، II، III، IV، V، VI، VII، VIII، IX). الأرقام العربية الحالية هي من أصل هندي، وقد سُمّيت بالعربية لأنها كانت أول من قدمها للعالم الغربي خلال القرنين الثامن والتاسع ميلادي. وفي أواخر القرن الخامس عشر، استُخدمت هذه الأرقام في ترقيم الصفحات. أما بالنسبة لأرقام العالم العربي اليوم، فهي الأرقام الهندية التي تستخدم كالتالي: (٠، ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦، ٧، ٨، ٩).

نظام الترقيم

الأرقام الهندية

توجد العديد من المنجزات الإسلامية التي نُسبت إلى الأوروبيين في ما بعد. ومن أبرز هذه المنجزات، نظام الترقيم الذي ارتبط بالعالم الإيطالي فيبوناتشي، وهو ما شاعت اعتقاداته بين الباحثين. لكن الحقيقة تُظهر أن مؤسس هذا النظام هو العالم العربي أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي، الذي أسس أيضًا علم الجبر. إذ تم نقل نظام الخوارزمي إلى أوروبا حوالي 300 عام بعد اكتشافه. ولذلك، فإن فيبوناتشي هو ليست المكتشف بل ناقل النظام إلى أوروبا، وهو ما يُغفل الكثيرون. استخدم الخوارزمي الأرقام الهندية في الأزياج في عام 813م، حيث يُعرَّف الزيج بأنه كتاب يتضمن جداول فلكية.

لاحقًا، نشر الخوارزمي رسالة بعنوان (الخوارزمي عن الأرقام الهندية) في عام 825م، مما ساهم في انتشار مصطلح الجورثم (Algorithm) أو الجورسم (Algorism) في أوروبا، والذي كان يشير إلى طريقة حسابية مبنية على النظام العشري. سُميت هذه الأرقام بالأرقام الخوارزمية نسبةً للخوارزمي والذي اختار مجموعة من الرموز الهندية وأجرى تعديلات لإنشاء الأرقام التي نستخدمها حاليًا، خاصة في بلاد الشام والعراق ومصر. ومع ظهور الطباعة، استمرت الأرقام في التطور حتى أخذت شكلها النهائي اليوم.

الأرقام العربية

خَلَق الخوارزمي مجموعة من الأرقام سُمِّيت بالأرقام العربية أو الغبارية، وذلك لأنها كانت تُكتب في البداية بإصبع أو قلم على سطح ترابي. على الرغم من تطويرها لاحقًا، إلا أن استخدامها لم يكن شائعًا في البداية. ومع مرور الوقت، انتشرت هذه الأرقام في المغرب العربي والأندلس، قبل أن تصل إلى أوروبا والعالم. تميزت الأرقام العربية عن نظيرتها الهندية، حيث اعتمد الخوارزمي تصميمها بناءً على عدد الزوايا الحادة في أشكالها. فعلى سبيل المثال، الرقم 1 يحتوي على زاوية واحدة، بينما الرقم 2 يحتوي على زاويتين.

من أهم الاختراعات الأخرى التي قدمها المسلمون هو الرقم صفر، والذي كان يُرمَز له بشيء دائري خالٍ من الزوايا، إذ تم تسجيل أول ظهور للصفر العربي في عام 873م، في حين سُجل الصفر الهندي لأول مرة في عام 876م. الصفر الذي طوره العرب يشبه الدائرة (0)، مما أدى إلى ارتباك لدى الهنود بسبب التشابه مع رمز العدد خمسة، مما استلزم تغييره إلى شكل آخر وهو النقطة (٠).

Scroll to Top