حكم الصلاة للمريض
تعتبر الصلاة فرضًا على كل مسلم عاقل، ولا تُعفى عن المريض، بل يُخفف عنها بما يتناسب مع حالته الصحية وقدرته. فقد قال الله -تبارك وتعالى- في كتابه الكريم: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).
وفيما رواه عمران بن الحصين -رضي الله عنه- قال: (كَانَتْ بي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقالَ: صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ). وهذا يشير إلى أن الصلاة تظل واجبة على المريض، ولكن تُعدل حسب استطاعته.
أشكال تيسير الصلاة للمريض
من مظاهر رحمة الله -تبارك وتعالى- بالمسلمين أن يسّر لهم أداء الصلاة في الحالات المرضية. وفيما يلي بعض أشكال هذا التيسير:
إمكانية الجمع بين الصلوات للمريض
إذا واجه المريض صعوبة في أداء الصلاة في وقتها، فقد أباح الله -سبحانه وتعالى- له الجمع بين الصلوات، بحيث يمكنه الصلاة: الظهر والعصر معاً في وقت أحدهما، والمغرب والعشاء في وقت أحدهما، سواء كان ذلك جمع تقديم أو جمع تأخير.
السماح بالتقاعس في الصلاة
إذا لم يتمكن المريض من القيام للصلاة، يجوز له أن يصلي جالساً؛ استنادًا إلى قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). ويندرج العجز عن القيام تحت نوعين:
- العجز الفعلي بسبب مرض جسدي، مما يتسبب له بألم عند القيام.
- العجز الظاهري بسبب الخوف من تفاقم الحالة الصحية أو المعاناة من دوار أو ألم شديد عند القيام، أو احتمالية سلس البول.
إمكانية التيمم
يستلزم على المسلم الوضوء للصلاة، وإذا كان مريضاً بحيث لا يستطيع غسل جميع أعضاء الوضوء، فإنه يجوز له أن يتوضأ ويتيمم عن الأعضاء التي لا يستطيع غسلها. وإن عجز تمامًا عن الوضوء، يكفيه أن يتيمّم.
صفة صلاة المريض
تمتاز صلاة المريض بخصائص تتمايز عن صلاة المسلم القادر على أدائها بشكل كامل. وهذه الخصائص تأتي كتيسير وتخفيف، حيث أن الدين الإسلامي دائمًا ما يمثل الاستسهال، كما يقول -تبارك وتعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وأيضًا: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
تتضمن صفات صلاة المريض ما يلي:
- يجوز للمريض الذي يعجز عن استخدام الماء التيمم لرفع الحدثين الأكبر والأصغر، فحالة الطهارة شرط لصحة الصلاة.
- تُعفى المريض من طهارة الثوب والبدن من النجاسات إذا لم يكن بالإمكان تطهيرها، وتُعتبر صلاته صحيحة.
- تسقط عن المريض شرط طهارة المكان إذا كان لا يستطيع تحقيق ذلك، ويمكنه الصلاة، وتكون صلاته صحيحة دون إعادة.
- يُعفى المريض من ركن القيام في الصلاة الفريضة، فيمكنه الصلاة جالساً إن عجز عن القيام أو خشية من تفاقم مرضه، وفي حال عدم قدرته على الجلوس، يصلي على جنبه متجهاً نحو القبلة.
- يجوز للمريض الذي لا يمكنه استقبال القبلة، أو من لا يجد من يحوّله نحوها، أن يصلي في الاتجاه الذي يتيسر له، وتكون صلاته صحيحة.
- إذا كان المريض عاجزًا عن الركوع والسجود، يمكنه الإيماء برأسه، مع جعل السجود أقل ارتفاعًا من الركوع، وإن لم يستطع، فإنه بالإمكان الإيماء بعينيه.