مقدمة حول سورة الشمس
تعتبر سورة الشمس من السور المكية، وتتألف من خمسة عشر آية. تم نزولها بعد سورة القدر، وهي من السور القصيرة التي تتميز بتنظيمها وإيقاعها المميز. تتناول هذه السورة العديد من الآيات التي تترك أثرًا عميقًا في القلب والعقل، حيث تركز على الكون وبعض ظواهره. في مطلع السورة، أقسم الله -تعالى- بأحد عشر قسماً من مخلوقاته، ومن ثم أكد على تزكية النفس ونجاحها في الحياة الدنيا والآخرة.
تأتي سورة الشمس في المرتبة الواحدة والتسعين في ترتيب القرآن، وهي السورة الثالثة من المجموعة الثانية عشرة في المفصل. يجب ملاحظة أن هناك ارتباطًا بين سورة الشمس وسورة البلد التي سبقتها؛ حيث اختتم الله سورة البلد بالإشارة إلى أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، ثم أعاد ذكرهم في سورة الشمس. وقد ختم الله سورة البلد بذكر حالاتهم في الآخرة، بينما اختتم سورة الشمس بالإشارة إلى بعض أحوالهم في الحياة الدنيا.
لقد سُمّيت السورة بهذا الاسم بسبب القسم الذي أقسمه الله -تعالى- بالشمس، التي تعكس نورها على الأفق خلال النهار. تحتوي السورة على أربعة وخمسين كلمة، وتتضمن مئتين وأربعين حرفًا، حيث أقسم الله -تعالى- بسبعة من مخلوقاته، وهي: الشمس، القمر، الليل، النهار، السماء، الأرض، والنفس.
أسباب نزول سورة الشمس
نزل القرآن الكريم على النبي -عليه الصلاة والسلام- بأسباب معينة في بعض الأحيان، وأحيانًا أخرى دون سبب محدد، لتكون عبرة للناس، ومن بين هذه السور تأتي سورة الشمس. لم يُسجل في كتب التفسير الموثوقة أي سبب محدد لنزولها، كما يظهر في كتاب “أسباب النزول” للواحدي وكتاب “لباب النقول في أسباب النزول” للإمام السيوطي.
موضوعات سورة الشمس
استعرضت سورة الشمس مجموعة من الموضوعات المهمة، منها:
- بدأ الله -تعالى- بقسمه بضوء الشمس، تبعها القمر في الإضاءة بعد غروبها. ثم أقسم بالنَّهار الذي تُشرق فيه الشمس، وبالليل الذي يحجب ضوءها. كما أقسم بالسماوات التي تدل على قدرته وإبداعه في بنائها ورفعتها، وبالأرض التي بسطها وجعلها مكانًا للثبات، وكذلك بالنفس التي سوّاها وألهمها التوجه نحو التقوى والتزكية، مشيرًا إلى أن اتباع ذلك هو السبيل إلى فوزها ونجاحها، في حين أن العكس يعرضها للخسارة.
- تناولت السورة قصة قوم ثمود الذين كذبوا برسلهم ومعجزاتهم، وما حل بهم من عقاب نتيجة أفعالهم.
- دعت السورة إلى ضرورة تزكية النفس وجهادها ضد الشيطان والأهواء، مشددة على حقيقة الإيمان وعواقب إهمال النفس والانصياع للأهواء، مثلما حدث مع قوم ثمود بسبب طغيانهم وكفرهم.
مقاصد سورة الشمس
كما تناولت سورة الشمس العديد من المقاصد، وهي كالتالي:
- التأكيد على عظمة الأيمان والصفات التي أقسم الله -تعالى- بها في بداية السورة، والتي تُظهر دلالات بديع خلقه وتفرده بالألوهية.
- تحفيز النفوس نحو الطاعات والتحذير من المنكرات، إذ تقع هذه السورة ضمن السور التي تركز على الترغيب والتخويف.
- تنبيه المشركين بعواقب الكفر والشرك التي قد تصيبهم، كما حدث مع قوم ثمود.
ختامًا، يركز المقال على التعريف بسورة الشمس من حيث مكان نزولها، عدد حروفها وكلماتها، وعلاقتها بالسورة السابقة (سورة البلد). ثم يناقش سبب نزولها، موضحًا عدم وجود أسباب معروفة لها في كتب التفسير، تليها مناقشة الموضوعات التي تتطرق إليها السورة ومقاصدها.