تاريخ آيا صوفيا
تُعرف آيا صوفيا بأسماء متعددة، حيث تُسمى “آيا صوفيا” باللغة التركية و”سانكتا صوفيا” باللاتينية، في حين تُترجم إلى الإنجليزية إلى “الحكمة المقدسة” أو “الحكمة الإلهية”. بُنيت آيا صوفيا في العهد الروماني بقرار من الإمبراطور قسطنطين بين عامي 325 و330 ميلادي، حيث كان قسطنطين أول إمبراطور روماني يعتنق المسيحية، لذلك أُمر ببناء آيا صوفيا لتكون كنيسته الرئيسية خلال تطوير مدينة بيزنطة لتكون عاصمته.
تعود النسخة الحالية من آيا صوفيا إلى القرن السادس، إذ أصدر الإمبراطور البيزنطي جستنيان أمرًا بإعادة بناء الكاتدرائية. على مر الزمن، شهدت آيا صوفيا تحولات عدة، ففي عام 1453، بعد احتلال العثمانيين للمدينة، تم تحويلها إلى مسجد، وفي عام 1935، قررت جمهورية تركيا الجديدة تحويلها إلى متحف. وفي السنوات الأخيرة، تم إعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد مرة أخرى.
البناء المعماري لآيا صوفيا
يتألف مبنى آيا صوفيا من طابقين يتوسطهما قاعة واسعة، ويتميز بسقف قبة كبيرة وكتلة من القباب الأصغر في أعلاه. وفقًا لكتاب “فن غاردنر عبير العصور: تاريخ عالمي” للكاتبين هيلين غاردنر وفريد كلاينر، يتصف مبنى آيا صوفيا بأبعاد ضخمة مقارنة بأي هيكل آخر مُصنع من مواد غير الفولاذ، إذ يبلغ طوله 82 مترًا وعرضه 73 مترًا، بينما يبلغ قطر القبة نحو 33 مترًا وارتفاع تاج القبة يصل إلى 55 مترًا عن الأرض. تستند القبة على مثلثات كروية تمتد من أربعة أرصفة ضخمة، وقد تولى هذه المهمة كل من أنثيميوس وإيزيدور الأكبر بتكليف من الإمبراطور الروماني جستنيان.
التحديات التي واجهت آيا صوفيا
بُنيت آيا صوفيا في فترة زمنية قصيرة، حيث اكتمل البناء في أقل من ست سنوات، وهي مدة تُعتبر قصيرة مقارنةً بمعالم تاريخية أخرى مثل كاتدرائية نوتردام في باريس، التي استغرق بناءها حوالي قرن كامل خلال العصور الوسطى. وقد أسفرت هذه الفترة القصيرة عن تعرض الكاتدرائية لمشكلات عدة، أبرزها انهيار القبة. وفقًا للمصادر التاريخية، مثل الكاتب بروكوبيوس، واجه البناة مشاكل في دعم سقف القبة أثناء الإنجاز، حيث تم اعتماد نظام أرصفة لتوزيع الوزن. لكن الرصيف سرعان ما أثبت عدم كفايته، مما أدى إلى انهيار السقف بعد حوالي عشرين عامًا. وقد أشرف إيزيدور الأصغر على إعادة بناء السقف القبوبي، واستمرت أعمال الترميم لقرابة 1400 عام، وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
الأسلوب المعماري لآيا صوفيا
استند تصميم آيا صوفيا إلى طراز البازيليك المسيحية الكبرى، مما يجعلها أحد أبرز الأمثلة المتبقية على العمارة البيزنطية. ومن التفاصيل البارزة لمبنى آيا صوفيا ما يلي:
- مخطط البناء: يتميز المبنى بشكله شبه المربع، ويتضمن ثلاثة ممرات تفصل بينها أعمدة، وكل ممر يحتوي على معرض للفسيفساء، وتحتوي الصالات العلوية على نوافذ مما يعطي انطباعًا بسقف عائم.
- الفسيفساء: كانت آيا صوفيا في بداياتها مغطاة بالفسيفساء واللوحات الجدارية المسيحية، لكن الأتراك العثمانيون غطوا العديد من الصور المسيحية الأصلية.
- القبة: تغطي الصحن الرئيسي قبة مركزية بقطر يقدر بـ 33 مترًا وارتفاع يصل إلى 55 مترًا. تدعم القبة أربعة مثلثات، وتعتبر آيا صوفيا ثاني أكبر قبة معلقة في العالم، بينما قبة كاتدرائية القديس بطرس في روما هي الأكبر عالميًا. وتوجد قبتان على الجانبين، إحداهما عند المذبح والأخرى عند المدخل الرئيسي.
- الأعمدة: تحتوي آيا صوفيا على 104 أعمدة، معظمها من الرخام الذي تم استيراده من معبد أرتميس في أفسس ومصر وتركيا.
- مواد البناء: استخدمت مواد فريدة في بناء آيا صوفيا، حيث أراد الإمبراطور جستنيان أن يمثل البناء الإمبراطورية البيزنطية. شملت الأرضيات رخامًا من الأناضول وسوريا، بينما جاءت طوب الجدران من شمال إفريقيا، وتزين الأجزاء الداخلية بألواح رخامية ضخمة صممت لتقليد حركة المياه.