إتقان التجويد للقرآن الكريم
التجويد في اللغة يعني جعل الشيء جيدًا، وعندما نتحدث عن تجويد القراءة، فإننا نقصد تقديمها بصورة تخلو من أي نقص في النطق. أما اصطلاحًا، فإنه يعني إخراج كل حرف من موضعه الصحيح مع تقديم حقه ومستحقه؛ حيث يشير حق الحرف إلى الصفات الذاتية الثابتة له مثل الشدة والاستعلاء. أما مستحق الحرف، فهو الأمور التي تنتج عن صفات الحرف اللازمة مثل التفخيم، الذي يرتبط بصفتين هما الاستعلاء والتكرير. ومن الجدير بالذكر أن العلماء اتفقوا على أن تعلم التجويد يعتبر فرض كفاية؛ أي أن متى ما قام به من يكفي، سقط الإثم عن الآخرين. ولكن قراءة القرآن مع مراعاة قواعد التجويد فتُعد فرض عين. فقد قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله، لا شك أن أمة الإسلام موكل بها فهم معاني القرآن والعمل بمقتضياته، وينبغي عليها أيضًا الحفاظ على صيغ أحرفه كما تم نقلها عن أئمة القراءة المتصلين بالنبي صلى الله عليه وسلم، بلغة عربية فصيحة لا يجوز الخروج عنها.
أسس تعلم تجويد القرآن الكريم
تنقسم عملية تعلم التجويد إلى جانبين رئيسيين، وهما:
- الجانب النظري: يتضمن الجانب النظري القواعد المتعددة التي تم تجميعها في كتب تعلم أحكام التجويد، مثل أنواع المدود وأزمنتها، وأحكام الحروف المتعلقة بالإظهار والإدغام والإقلاب والإخفاء، وغيرها من الواجبات التي تدرس في كتب علم التجويد.
- الجانب العملي: يعرف أيضًا بالجانب التطبيقي، والذي لا يمكن للطلاب إجادته إلا من خلال التلقي والتفاعل مع قارئ أو شيح ذو خبرة كبيرة في تجويد القرآن الكريم، ويتضمن أحكام الروم والإشمام والغنة والتسهيل والإخفاء الشفوي.
أحكام التجويد تنقسم إلى عدة أنواع، كما سيتم تفصيله في الفقرات القادمة:
- أحكام الاستعاذة والبسملة: الاستعاذة تعني قول “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، والتي تُعد مستحبة عند بدء تلاوة القرآن. بعض العلماء يرون أنها واجبة، خاصة في بداية القراءة. أما البسملة، فهي قول “بسم الله الرحمن الرحيم” حيث يرى الإمام حفص وجوب recited it عند بداية كل سورة باستثناء سورة التوبة.
- أحكام النون الساكنة والتنوين: وتنقسم هذه الأحكام إلى أربعة أقسام، كما يلي:
- الإدغام: يعني إدخال حرف ساكن في حرف متحرك ليصبحا حرفًا واحدًا مشددًا.
- الإقلاب: هو تحويل النون الساكنة أو التنوين إلى ميم مع غنة عند النطق.
- الإظهار: يعني نطق الحرف من مخرجه بدون غنة، مع وجود ستة حروف.
- الإخفاء: يعني النطق بحرف ساكن بدون تشديد، مع الاحتفاظ بالغنة في النون الساكنة والتنوين.
- أحكام الميم الساكنة: تنقسم أحكام الميم الساكنة إلى ثلاثة أنواع:
- الإدغام الشفوي: يتم عند وجود ميم ساكنة ثم ميم متحركة.
- الإخفاء الشفوي: يتضمن وجود ميم ساكنة يليها حرف الباء.
- الإظهار الشفوي: إظهار الميم عند النطق بها بعد أي حرف عدا اللام والباء.
- أحكام الميم والنون المشددتين: يجب فيها الغنة عند النطق، وتكون بمقدار حركتين.
- أحكام الإدغام: تتضمن إدخال حرف ساكن بعد حرف متحرك، وينقسم إلى ثلاثة أنواع:
- إدغام المتماثلين: حرفان متتاليان متطابقان.
- إدغام المتجانسين: حرفان متتاليان مختلفان في بعض الصفات.
- إدغام المتقاربين: حرفان متقاربان في المخرج والصفة.
- أحكام اللام الساكنة: تنقسم إلى خمسة أنواع تشمل لام التعريف، ولام الفعل، ولام الاسم، ولام الحرف، ولام الأمر.
- أحكام التفخيم والترقيق: تشمل أنواع الحروف التي تفخم والترقق حسب حالاتها.
- أحكام المدود: تنقسم إلى المد الأصلي والمد الفرعي، ويتعلق كل منهما بأسباب مختلفة.
- أحكام مخارج الحروف وصفاتها: هناك سبعة عشر مخرجاً للحروف وخصائص تميز بينها، تتضمن صفات مثل الهمس والجهر والشدة وغيرها.
مصدر علم التجويد
علم التجويد مستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية والطرق الصحيحة التي نقلت عن أئمة القراءات المتصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم. يمكننا الإشارة إلى ذلك من خلال قول الله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا). ومن السنة، تُروى عن أم سلمة -رضي الله عنها- قولها: (ثم نَعَتَتْ قراءتَهُ، فإذا هي تَنْعَتُ قراءةً مُفَسَّرَةً حرفًا حرفًا). وقد وُضع علم التجويد بشكل عملي على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. واختلف العلماء حول مؤسس علم التجويد من الناحية العلمية، فمنهم من يعتقد أن أبو الأسود الدؤلي هو المؤسس، بينما يعتقد آخرون أن أبو عبيد القاسم بن سلام هو من أسسه، وغيرها من الآراء. تكمن القيمة الأساسية في علم التجويد في حفظ اللسان من الأخطاء واللحن في كلام الله عز وجل.