تقديم حول سورة البقرة وآياتها الكريمة
تعد سورة البقرة إحدى سور القرآن الكريم المدنية، والتي استغرق نزولها فترة طويلة خلال العهد المدني. تتميز بكونها الأطول بين سور القرآن، حيث تحتوي على مئتين وست وثمانين آية. هناك من يذكر أنها تتكون من مئتين وسبع وثمانين آية. وقد سميت بهذا الاسم لأنها خصصت لعرض حادثة ذبح البقرة في قصة نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام-. ومن فضائل هذه السورة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أطلق عليها لقب “بسنام القرآن”، وتلاوتها في المنزل تساعد على طرد الشياطين ومنعهم من دخوله لمدة تصل إلى ثلاثة أيام.
تفسير مفردات الآية الكريمة
إليك بعض المفردات التي تستدعي التفسير في الآية الكريمة:
- المن: أي التفاخر على الآخرين بالإحسان إليهم.
- رئاء الناس: يعني محاولة الحصول على مدح الناس من خلال الإنفاق، بدلًا من السعي لرضا الله -سبحانه وتعالى-، وأصل الكلمة يرمز إلى الفعل الذي يُرى فيريد الناس أن يشهدوا ما يقوم به ليثنوا عليه.
- صفوان: يشير إلى الحجر الأملس الكبير.
- وابل: يعني المطر الغزير.
- صلداً: الحجر الأملس والذي لا ينبت أي شيء.
تفسير الآية الكريمة
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنّْ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)
التحفيز على الإنفاق
تأتي هذه الآية الكريمة كجزء من مجموعة من الآيات التي تسلط الضوء على أهمية الإنفاق في سبيل الله -سبحانه وتعالى-. حيث تشير هذه الآيات إلى مضاعفة الأجر للمنفقين حتى سبعمئة ضعف، بناءً على أمر الله -عز وجل- وعظيم كرمه. كما توضح أن من الأمور التي تفسد صدقات العطاء هي المن والأذى من المتصدق نحو المستفيد، وأن من يقوم بذلك لا يستحق الأجر العظيم لنفقاته.
بيان حكم المتكبر على الناس بصدقاتهم
تناقش الآية الكريمة مسألة من يتبع صدقته بالمن والأذى، حيث يعتبر كمن يقوم بالإنفاق بغرض الظهور أمام الناس، ليحصل على المدح والسمعة دون أن يسعى لرضا الله -عز وجل-. والذي يقوم بذلك لا يؤمن إيمانًا صحيحًا بالله -سبحانه وتعالى- واليوم الآخر.
ولإظهار فقدان الأجر من الإنفاق لمن يقوم بذلك، تم تشبيهه بجزء من تراب على حجر أملس، أصابته وابل من المطر فأزال التراب، مما جعل الحجر يبقى خاليًا، دلالة على أن عمله لم يثمر شيئًا.
خسارة المرائي في الدنيا والآخرة
إذن، لا يستفيد المرائي المتفاخر من أفعاله لا في الدنيا ولا في الآخرة. في الدنيا، لأن الناس تسيء رأيها في المنان، بينما تُعتبر الرياء من الصفات المذمومة والسلبية في المجتمع. أما في الآخرة، فإن الله -سبحانه وتعالى- لن يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا له، حيث أن الرياء والمن والأذى يتعارضان مع الإخلاص، ويعتبر نوعًا من الشرك الخفي.
الرياء والمن من سمات الكافرين
وتختتم الآية الكريمة بالتأكيد على أن الله -سبحانه وتعالى- لا يهدي الأفراد الكافرين لما فيه مصلحتهم واستقامتهم طالما أنهم متمسكون بالكفر. وهذا ينبه إلى أن الرياء والمن من سمات الكافرين، وليست من صفات المؤمنين.