تفسير: ذكر الله في النفس وتصوير المعنى

سنتناول في هذا المقال تفسير الآية الكريمة: “واذكر ربك في نفسك” الواردة في سورة الأعراف، حيث يأمرنا الله تعالى بذكره في الخفاء والعلن، تضرعًا وخشوعًا، رحمةً منا إليه وعساها تنال رضا الله وغفرانه.

تعتبر سورة الأعراف واحدة من السور السبع الطوال في القرآن الكريم، ويقع ترتيبها في المصحف عند الرقم (7). وهي سورة مكية، إلا أن بعض آياتها نزلت في المدينة المنورة.

تفسير: واذكر ربك في نفسك

تشير الآية الكريمة “واذكر ربك في نفسك” إلى أهمية استماع المسلمين لآيات القرآن الكريم والانصات له أثناء تلاوته. وهذا يحث المؤمنين على ذكر الله باستمرار حتى بعد انتهاء العبادات.

{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ * إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}

  • يرى بعض المفسرين أن الله يتوجه بالخطاب لمستمعي القرآن وقُرائه.
  • وهو يقول: “يا من تستمع للقرآن، اذكر ربك في نفسك.”
  • كما ينبه الإنسان إلى ضرورة العودة إلى الله في خلوته.
  • تعني “تضرعًا وخفية”، أن يقوم الشخص بذكر الله بفؤاد خاشع وتواضع، وخوف من عقابه.
  • يجب ألا ينسى المسلم ذكر الله في خضم الحياة الدنيا، إذ أن ذلك مفتاح النجاح في الدنيا والآخرة.
  • تؤكد “اذكر ربك في نفسك” على أهمية الاستمرار في ذكر الله في السر دون جهر.
  • وقد ورد عن ابن جريج، أن الله يأمر العباد بالتوجه بالدعاء إليه بتواضع، حيث أن رفع الصوت والدعاء بصوت مرتفع يُعتبر مكروهًا.

شرح معنى واذكر ربك في نفسك

تهدف الآية إلى بيان أهمية ذكر الله تعالى وفقًا لما نصت عليه السنة النبوية، ويتمثل ذلك فيما يلي:

  • تشير الآية إلى ضرورة الدعاء والشكر والتكبير لله في خلوة النفس دون جهر.
  • ويجب أن يتحلى الإنسان خلال ذكر ربه بالتواضع والخشوع.
  • يستشعر المؤمن خوفه من عقاب الله نتيجة التقصير والابتعاد عن طريق الله بسبب انشغاله بالدنيا.
  • يروي أبو موسى الأشعري أنه عندما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على وادٍ، رفع الناس أصواتهم بالتكبير، فقال: “اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سمعا قريبا وهو معكم”.
  • كما فسر الإمام ابن كثير أن الله يأمر بذكره في أطراف النهار وليناء الليالي، أي بشكل دائم.
  • جاء أيضًا في قوله تعالى: {فَاصْبِرْ على مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}.
  • أمر الله عز وجل أيضًا بذكره قبل فرض الصلوات الخمس، ويكون الذكر مرتبطًا بالقلب والنفس.

معاني المفردات في آية: واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة

لنفهم مضمون الآية بشكل أفضل، دعونا نستعرض معاني مفرداتها كما يلي:

اذكر ربك

  • تأتي الكلمة من الفعل “ذكر” وتعني الإشادة بفضل الله تبارك وتعالى.
  • تشير كلمة “ربك” إلى الله تعالى كاسم واحد قهار ومسيطر على كل شيء.

في نفسك

  • تشير “في” كحرف جر، إلى ما يعكس الحالة الداخلية للفرد.
  • “نفسك” تعني الروح والذات، وهي تعبر عن كيان الإنسان وشعوره.

تضرعا

  • تأتي من الفعل “تضرع” وتعني الخضوع والتذلل لله عز وجل.

خفية

  • تعتبر مصدرًا للفعل خاف، ويعني الخشية والخوف من الله.

إعراب آية: واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة

اهتم علماء اللغة العربية بإعراب القرآن الكريم بالنظر إلى قواعده. وفيما يلي إعراب الآية الكريمة:

  • واذكر: الواو حرف عطف، واذكر فعل أمر مبني على السكون، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.
  • ربك: منصوب بها وعلامة نصبه الفتح، والكاف ضمير متصل في محل جر.
  • في: حرف جر.
  • نفسك: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة، والكاف ضمير متصل في محل جر.
  • تضرعا: حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
  • وخفية: الواو حرف عطف، و”خفية” معطوف عليها منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

الثمرات المستفادة من الآية الكريمة واذكر ربك في نفسك

تؤكد الآيات القرآنية على أهمية الفائدة الجليلة التي تعود على الإنسان من ذكر الله، وأهم الملاحظات المستفادة من الآية تشمل:

  • يجب على المؤمن أن يستمع لكلام الله تعالى ويتوافق مع أوامره ويتجنب نواهيه.
    • هذا يُعتَبَر خطوة نحو تعزيز الإيمان.
  • ذكر الله في النفس يُعلي من شأن الفرد ومكانته في الجنة، ويُعتبر دلالة على استقاء الدروس والعبر.
  • يُعد الدعاء والتضرع من العبادة العظيمة لله والله يفضل المعدوم الخاضع في الدعاء.
  • يُستحب عدم رفع الصوت أثناء ذكر الله أو الدعاء، وهذا ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • مناجاة الله والدعاء يجب أن تتم سواء بالقلب أو اللسان، بصوت منخفض دون جهر.

كيفية ذكر الله

Scroll to Top