تعتبر حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة من الأمور التي أوصى بها الله تعالى في الإسلام، حيث يُعتبر التعامل الإيجابي معهم عنصراً مهما يعزز من تأثيرهم في المجتمع. ومن هنا، ينبغي على المجتمع أن يتعلّم كيفية التعامل الصحيح مع ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إننا جميعًا سواسية في الإنسانية، ولا يوجد تفاضل إلا بالتقوى.
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام
أوصى الله سبحانه وتعالى بضرورة الاعتناء بحقوق هذه الفئة من المجتمع، حيث توجد مجموعة من الحقوق التي ينبغي مراعاتها، ومنها:
أولًا: النظرة الإيجابية
يستحق ذوو الاحتياجات الخاصة الاحترام والتقدير من المجتمع، وينبغي أن ينظر إليهم باعتزاز وليس بشفقة، ويساهم ذلك في تحقيق الأهداف التالية:
- النظرة دون احتقار تمنحهم الأمل وتعزز من شعورهم بالقدرة على المشاركة في المجتمع.
- يجب أن نعتبر الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة قادرين على المساهمة في التطور المجتمعي.
- ينبغي أن يُنظر إليهم بكل احترام، محاطين بمشاعر الود والرأفة.
ثانيًا: حماية ممتلكاتهم
يُعد الحفاظ على ممتلكات ذوي الاحتياجات الخاصة من أبسط حقوقهم، ويتطلب ذلك عدم التصرف فيها دون إذن أو استغلال ضعفهم وقلة حيلتهم.
ثالثًا: التفاعل الإيجابي معهم
يجب على المجتمع وأفراده أن يتفاعلوا مع ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل إيجابي، من خلال:
- تقديم المساعدة ودعم جهود إدماجهم في الحياة اليومية.
- إشراكهم في الأنشطة التي يستطيعون المشاركة فيها دون استبعاد.
- دعوتهم لحضور المناسبات الاجتماعية، بما يسهم في تعزيز علاقاتهم ورفع معنوياتهم.
رابعًا: احترام الأماكن المخصصة لهم
توجد أماكن مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، لذلك يجب:
- احترام هذه الأماكن وعدم استخدامها بطرق غير لائقة.
- مراعاة حقهم في المرور، وفقاً لما أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأن عدم إيذاء الآخرين.
خامسًا: احترام قدراتهم
عند التعامل معهم، ينبغي عدم تحميلهم ما لا يستطيعون فعله، ويجب اتباع ما يلي:
- عدم تكليفهم بأعمال شاقة أو مستحيلة عليهم.
- احترام قدراتهم الحالية والسماح لهم بإتمام المهام المناسبة لهم.
- مساعدتهم على الشعور بالفخر والقدرة على الإنجاز من خلال الأعمال التي تتناسب مع قدراتهم.
كيفية تعاطي الإسلام مع ذوي الاحتياجات الخاصة
تولي الشريعة الإسلامية اهتمامًا كبيرًا بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال المبادئ التالية:
- تتفاعل الشريعة الإسلامية مع كافة الأحداث والقضايا، ولديها رؤى واضحة حول جميع جوانب الحياة.
- أوليت الإسلام اهتمامًا خاصًا بجميع فئات المجتمع، بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة.
- حثّ الإسلام على احترامهم وتقدير حقوقهم، ومساعدتهم في تلبية احتياجاتهم.
- حظوا بالتكليف بالأعمال المتناسبة مع قدراتهم، مع عدم تحميلهم ما يفوق طاقتهم.
- قال الله تعالى: (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ).
- عمل الإسلام على دمج هذه الفئة في المجتمع، لتحقيق مشاركة فعالة.
- أضاف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا حرج في اختلاط الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يعد المرضى والضعفاء قادة في بعض المواقف، مما زاد من تأثيرهم الإيجابي.
- لابد من تعزيز ثقتهم بأنفسهم ودمجهم في محيطهم.
- يجب أن نتذكر أن الإسلام لا يفرق بين الناس إلا بالتقوى، وهي المعيار يوم الحساب.
- كما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
تطور مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة
في الماضي، كان يُطلق على ذوي الاحتياجات الخاصة لقب “المقعد”، ولكن مع مرور الزمن، تطور المفهوم على النحو التالي:
- أصبح يتم استخدام مصطلح “ذوي العاهة” للإشارة إليهم.
- ثم تم استبداله بمصطلح “العاجز”.
- على الرغم من ذلك، فإن هذه الألقاب كانت تعكس نظرة سلبية تجاه الأفراد.
- ومع الوقت، تغيرت النظرة تجاه هذه الفئة، حيث أصبح من الضروري تقبلهم واستثمار طاقاتهم.
- يمتلك هؤلاء الأفراد قدرات ومواهب يمكن تطويرها، مما يجعلهم عناصر فعالة في المجتمع.
- ولتجنب النظرة السلبية، يُفضل استخدام مصطلحات غير جارحة مثل “ذوي الاحتياجات الخاصة”.
- أو استخدام مصطلح “ذوي الصعوبات”، بما يتماشى مع التعاليم الإسلامية التي تدعو لاستخدام الأسماء الجميلة.
قصص ملهمة لذوي الاحتياجات الخاصة
قصة عمرو بن الجموح وصبره على الابتلاء بالعرج
كان عمرو بن الجموح يعاني من عرج شديد، وكان أبناؤه يشاركون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزوات. وعند حلول غزوة أحد، أراد المشاركة ولكن أوقفه أبناؤه لأسباب تتعلق بإصابته. فتوجه إلى النبي يشكو ذلك، فأذن له بالدخول في الغزوة، وحقق الشهادة.
قصة ثابت بن قيس وصبره على الابتلاء بالصمم
- عانى ثابت بن قيس من ضعف السمع، وعندما نزلت الآية في سورة الحجرات: (لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)، شعر بالحزن.
- عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حالته، طمأنه بأن الآية ليست موجهة إليه، وأخبره بأنه سيكون من الشهداء، مما أسعده كثيرًا.