معنى الدعاء
ترجع جذور كلمة الدعاء في اللغة العربية إلى الجذر دَعَوَ، ولها معانٍ متعددة نفصلها فيما يلي:
- الطلب والسؤال
كما ورد في قوله -تعالى-: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ).
- العبادة
كما جاء في قوله -تعالى-: (فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ).
- الاستعانة
كما يشير إليه قوله -تعالى-: (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ).
- القول
كما في قوله -تعالى-: (دَعواهُم فيها سُبحانَكَ اللَّـهُمَّ وَتَحِيَّتُهُم فيها سَلامٌ).
- النداء
كما يتضح في قوله -تعالى-: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ).
- الثناء
كما في قوله -تعالى-: (قُلِ ادعُوا اللَّهَ أَوِ ادعُوا الرَّحمـنَ أَيًّا مَا تَدعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى).
- التوحيد
كما ورد في قوله -تعالى-: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا).
وفي إطار الشرع، عُرف الدعاء كما وصفه الخطابي بأنه: “استدعاء العبد ربه -عز وجل- للعناية، وطلب المعونة، وهو التعبير عن الافتقار والتبرؤ من الحول والقوة”.
شروط الدعاء
يوجد عدة شروط يجب أن يتحلى بها المسلم عند الدعاء، نذكر منها ما يلي:
- التوحيد
يجب على الداعي أن يكون موحداً لله -تعالى- في ربوبيته وأسمائه وصفاته، فلا يدعو إلا الله -تعالى-، كما قال -تعالى-: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا).
- الإخلاص في الدعاء
يُعتبر الإخلاص في الدعاء من أهم الشروط؛ إذ ينبغي على المسلم أن يخلص لله -تعالى- في دعائه، حيث أن عدم الإخلاص قد يُحبط الدعاء، كما جاء في قوله -تعالى-: (هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وأيضاً قوله -تعالى-: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
- أن يكون مطعمه حلالاً
يعد هذا الشرط من الأمور الأساسية في استجابة الدعاء، وقد قال -تعالى-: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ). وقد رُوِي عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: “إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: “يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ”.
وورد عن النبي حول من يقوم بالدعاء وهو مُلتحف بالحرام فكيف يُستجاب له، إذ قال إنه يأتي “يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ.”
- عدم الانشغال بالدعاء عن أمر واجب
كأن يفتقر الداعي عندما يشغل نفسه بالدعاء عن أداء الصلاة في وقتها، أو بخدمته لوالديه والإحسان إليهما.
- حضور القلب
من الآداب التي ينبغي للمسلم مراعتها هو أن يكون القلب حاضراً، بحيث يفهم ما يدعو به ويستشعر عظمة الرب -سبحانه وتعالى-.
- عدم الاعتداء في الدعاء
ويقصد بدعاء غير المشروع، كما يجب أن يتجنب الداعي تجاوز الحد، كمن يدعو بالشر لغيره، أو يتجاوز آداب الدعاء.
آداب الدعاء
يستحب للمسلم الالتزام بعدد من الآداب عند الدعاء إلى الله -عز وجل-، منها ما يأتي:
- الثناء على الله -تعالى-، والصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم-.
- الاعتراف بالذنوب
يتضح ذلك جلياً من دعاء سيد الاستغفار الذي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا على عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ).
- المسارعة إلى فعل الخيرات قبل الدعاء؛ مثل الأعمال الصالحة مثل الصدقة وبر الوالدين.
- ملازمة الدعاء لله تعالى في السراء والضراء
والابتعاد عن سلوك البشر بعدم الالتجاء إلى الله إلا عند الشدائد، كما أشار -تعالى-: (وَإِذا مَسَّ الإِنسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنبِهِ أَو قاعِدًا أَو قائِمًا فَلَمّا كَشَفنا عَنهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَم يَدعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلمُسْرِفينَ ما كانوا يَعْمَلُونَ). وأيضاً قوله -تعالى-: (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ).
- استقبال القبلة
كما ورد عن ابن مسعود -رضيَ الله عنه- حين أذيى قريش النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي: (اسْتَقْبَلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلّم- الكَعْبَةَ، فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِن قُرَيْشٍ).
- الطهارة
يجب على المسلم أن يكون في حالة طهارة بدنية ومعنوية عندما يقف بين يدي الله -تعالى- ويدعوه.
- رفع اليدين في الدعاء
فقد وَرَدَ عن أبي موسى الأشعري -رضيَ الله عنه-: (دَعَا النبيُّ -صلى الله عليه وسلّم- بمَاءٍ فَتَوَضَّأَ به، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أبِي عَامِرٍ ورَأَيْتُ بَيَاضَ إبْطَيْهِ).
- السواك
يعتبر استخدام السواك أمراً مهماً للحفاظ على نظافة اللسان والفم، وهو المدخل للكلام.
- الإلحاح في الدعاء.