ما هو الاستفتاء الدستوري؟
الاستفتاء الدستوري هو العملية التي تهدف إلى استشارة الشعب حول رأيه عند رغبة الحكومة في إصدار دستور جديد للدولة أو عند الحاجة لإجراء تعديلات على نصوص الدستور الحالي. ولذلك، يعتبر الاستفتاء الدستوري مرتبطًا بشكل أساسي بالمواضيع الدستورية وأي خطوات مُحددة تتعلق بدستور الدولة.
يمكن اعتبار الاستفتاء الدستوري وسيلة لجمع آراء وموافقة الشعب على الدستور الذي سيحكم البلاد. فإذا أبدى الشعب تأييده، فإن الدستور يكتسب الصفة القانونية والشرعية. أما في حال الرفض، فإن المشروع يفقد صفته كمقترح، مما يستدعي من الجهات المسؤولة إعادة صياغة دستور جديد.
تجدر الإشارة إلى أن الاستفتاء الدستوري يُعتبر من أكثر الأساليب ديمقراطية، حيث يؤكد على مبدأ أن الشعوب هي مصدر السيادة، وهو يتيح للشعب ممارسة سلطته الدستورية الأصلية، مما يمنحه الفرصة لاختيار الدستور الذي يرضيه أو رفض ذاك الذي لا يتماشى مع تطلعاته.
مراحل الاستفتاء الدستوري
يمر الاستفتاء الدستوري بمرحلتين رئيسيتين لتحقيق مدى فعاليته كدستور نافذ، وهما كالتالي:
مرحلة إعداد مشروع الدستور
تبدأ هذه المرحلة بإنشاء مشروع الدستور من قبل جمعية تأسيسية يتم انتخاب أعضائها من قبل الشعب، أو من خلال لجنة فنية متخصصة تعينها الحكومة. بعد إعداد المسودة من قبل تلك اللجنة، يتم طرحها على الشعب عبر عملية الاستفتاء الدستوري. وخلال هذه المرحلة، لا يتمتع المشروع بأي قوة ملزمة.
مرحلة نفاذ وسريان الدستور
تبدأ هذه المرحلة بعد إتمام الاستفتاء الدستوري، حيث يتم جمع آراء الشعب حول مسودة مشروع الدستور. إذا تم التصويت بالموافقة، فإن المشروع يكتسب قوة قانونية ملزمة ويبدأ نفاذه وفقًا للفترة الزمنية المحددة. بينما إذا تم الرفض، يجب إلغاؤه وتشكيل لجنة جديدة للقيام بإعداد مشروع دستور آخر.
أنواع الاستفتاء الدستوري
يُميز الاستفتاء الدستوري بين نوعين في مختلف دول العالم، بغض النظر عن طبيعة النظام القائم، وهذين النوعين هما:
الاستفتاء التأسيسي
يقصد بالاستفتاء التأسيسي العملية التي تهدف إلى إنشاء دستور جديد للدولة وإلغاء الدستور الحالي. تتولى جمعية تأسيسية منتخبة أو هيئة تشريعية إعداد المشروع، ثم يُطرح على الاستفتاء الشعبي للحصول على الموافقة.
من المهم ملاحظة أنه في هذه الحالة، فإن الدستور الجديد لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد موافقة الشعب. بمجرد الحصول على هذه الموافقة، يصبح ساريًا اعتبارًا من تاريخ إصدارها، لتبدأ عملية تفعيل نصوصه في جميع أنحاء البلاد.
يمثل الاستفتاء التأسيسي أحد أكثر الأساليب الديمقراطية في تطوير الدساتير، حيث يمكن للشعب أن يمارس حقه في اختيار الدستور الذي يحكمه، مما يمنحهم الفرصة للتعبير عن آرائهم سواء بالموافقة، الرفض، أو التعديل على بعض نصوص مشروع الدستور.
أمثلة على دساتير صدرت عبر الاستفتاء التأسيسي
هناك العديد من الدساتير التي أُقرت من خلال الاستفتاء التأسيسي، منها:
- الدستور الفرنسي الذي أُعد على يد لويس نابليون عام 1851م.
- دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة الصادر في عام 1946م.
- الدستور المصري لعام 1958م وكذلك دستور عام 1971م.
- الدستور التركي لعام 1961م ودستور عام 1982م.
- الدستور اليمني الذي أُقر في عام 1990م.
الاستفتاء التعديلي
الاستفتاء التعديلي هو العملية التي من خلالها يتم إجراء تعديلات على بعض مواد الدستور القائم في الدولة، أو في حالة الرغبة في تعديل شامل لجميع بنود الدستور. وعادةً ما يكون هذا النوع من التعديلات منصوصًا عليه في وثيقة الدستور نفسها، مما يحدد كيفية إجراء التعديلات، بغض النظر عن الجهة المخولة بالحق في اقتراح تلك التعديلات.