ما الذي أهلك الله به قوم مدين؟
تشير النصوص الشرعية في القرآن الكريم إلى أشكال العذاب التي نزلت بقوم مدين، الذين كانوا يتبعون نبي الله شعيب عليه السلام. وأول هذه الأصناف هو الرّجفة، كما جاء في قوله تعالى: (فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحوا في دارِهِم جاثِمينَ)، حيث تشير الرّجفة إلى زلزلة الأرض تحت أقدامهم وعدم استقرارها.
أما الثاني من أنماط العذاب فهو الصّيحة، التي ذُكرت في قوله تعالى: (وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ)، وهي صوت عال ينطلق من انفجار أو زلزال عظيم. والثالث هو الظّلّة، تشير إلى السّحابة ذات الحرارة المرتفعة، المعروفة في القرآن الكريم بيوم الظلة. إذ أرسل الله -تعالى- على قوم مدين الحرّ لمدة سبعة أيام دون أن يجدوا ما يقيهم منه، ثم أرسل سحابةً ليستظلوا بها، وعندما تجمعوا تحتها، أشعل الله فيها نارًا أصابتهم جميعًا، كما جاء في قوله: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). هذه الأنواع الثلاثة من العذاب اجتمعت على قوم شعيب -عليه السلام- كجزاء لهم على كفرهم وسلوكهم.
أسباب هلاك قوم مدين
كان قوم مدين يُعانون من التطفيف، حيث لم يكونوا يزِنون بالقسط ولا يوفون المكيال. كما قال -تعالى-: (وَلا تَنقُصُوا المِكيالَ وَالميزانَ إِنّي أَراكُم بِخيرٍ وَإِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ مُحيطٍ * وَيا قَومِ أَوفُوا المِكيالَ وَالميزانَ بِالقِسطِ وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ).
إضافة إلى كفرهم بنبيهم شعيب -عليه السلام- ورفضهم لما دعاهم إليه من توحيد الله -تعالى- وترك التطفيف. لقد هددوا نبيهم قائلين: (لَنُخرِجَنَّكَ يا شُعَيبُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَكَ مِن قَريَتِنا أَو لَتَعودُنَّ في مِلَّتِنا). كان شعيب -عليه السلام- يُحثهم على الوفاء بالمكيال والميزان وعدم إنقاص حقوق الآخرين، مُشيرًا إلى نعم الله الكثيرة عليهم. لكنهم جحدوا هذه النعمة بمعاصيهم وكفرهم، وبالرغم من تكرار دعوته ونصائحه، لم يكن لديهم سوى التكذيب بما جاء به.
التعريف بقوم مدين
يوجد العديد من المعلومات حول قوم مدين، نعرض بعضها في النقاط التالية:
من هم قوم مدين؟
قوم مدين هم الذين أرسل الله إليهم نبي الله شعيب -عليه السلام-، وكانوا معروفين بالقراءة. قال الله تعالى فيهم: (وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَـكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)، بمعنى أنهم كانوا يقرأون ويتعلّمون. وهم من الأعراب، ينحدر نسبهم إلى بني مَدين بن مديان بن إبراهيم الخليل. ووفقًا لما ذكره ابن منبّه، قد آمن شعيب -عليه السلام- بنبي الله إبراهيم -عليه السلام- حين أُلقي في النار، ثم هاجر معه إلى الشّام وتزوج إحدى بنات لوط -عليه السلام-.
أماكن سكنى قوم مدين
عاش أهل مدين في قرية عند طرف الشام بالقرب من الحجاز، قريبة من بحيرة قوم لوط، الموجودة في أرض معان. وكان نبيهم شعيب -عليه السلام- من بينهم، وهو الأشرف نسبًا، واختاره الله -تعالى- ليكون نبياً لهم.