تاريخ أوروبا خلال فترة العصور الوسطى

تاريخ أوروبا خلال العصور الوسطى

تمتد فترة العصور الوسطى من القرن الخامس الميلادي حتى القرن الحادي عشر الميلادي. وكانت أوروبا قبل هذه المرحلة التاريخية جزءاً من الإمبراطورية الرومانية، حيث وصف المؤرخون هذه الفترة بالعصر المظلم. في هذا الوقت، كان مستوى التعليم والثقافة في تدهور شديد، وغلبت العديد من المعتقدات المستندة إلى الأساطير والخرافات. بدأت العصور الوسطى عقب انهيار الإمبراطورية الرومانية العظيمة، وليس هناك تاريخ دقيق لنهاية هذه الإمبراطورية التي كانت تعد أكبر قوة على سطح الأرض، وقد امتدت أراضيها من الشرق إلى الغرب الأقصى.

غزوات الأمازيغ والقبائل

كانت القبائل الجرمانية من أولى الجماعات التي استغلت ضعف الإمبراطورية الرومانية وتفشي الفساد فيها، حيث احتلت الأجزاء الشمالية من الإمبراطورية. بينما سيطر القوط على إسبانيا وإيطاليا، وتولت السكسون السيطرة على بريطانيا، فيما استولى الفرانكيون على فرنسا. قسمت أراضي الإمبراطورية إلى إقطاعيات كبيرة كانت تُعرف بالضياع.

العصر الإقطاعي

تعرّضت الإمبراطورية الرومانية للتفكك إلى ممالك وضياع يمتلكها الحكام والأغنياء وأصحاب السلطة. عمل الفلاحون في هذه الضياع بأجور زهيدة وأحياناً بطرق قسرية. ومع ظهور النظام الاقتصادي والاجتماعي الجديد المتمثل في الإقطاع، اندرج المجتمع الأوروبي في ثلاث طبقات: رجال الدين، ملاك الأراضي، وفئة الفلاحين والعمال. أصبح ملاك الأراضي يمارسون أشكالاً متعددة من الظلم والتسلط على الفلاحين، حتى تحوّل هؤلاء إلى عبيد، مما أدى إلى تفتيت أوروبا إلى مناطق متنازعة.

فترة هيمنة الكنيسة

استمر عصر الإقطاع لفترات طويلة، لكن تزايدت أهمية الكنيسة مع تنصير الأمازيغ، مما زاد من قوة الكنيسة خاصة مع تراجع الولاء لحاكم واحد. وتصاعدت عيوب النظام الإقطاعي، وبدأ السكان يجتمعون تحت مظلة الكنيسة. قام رجال الدين بنشر المسيحية في أنحاء أوروبا، كما امتلكت الكنيسة الأراضي وجمعت الضرائب، وأقامت المدارس الدينية والمستشفيات والأديرة.

تمكن الفرانكيون الذين سيطروا على فرنسا من توحيد أوروبا مرة أخرى، وكان من أبرز ملوكهم شارلمان الذي دافع عن الكنيسة من أعدائها وساهم في تحسين التعليم من خلال تأسيس مدرسة في قصره وجلب المعلمين من مناطق مختلفة. كما شيدت المدارس وترجمت المخطوطات القديمة، إلا أن هذه الدولة لم تستمر طويلاً بسبب الخلافات الداخلية على الحكم بين أبناء شارلمان.

عادت أوروبا إلى النظام الإقطاعي، وظهرت طبقة الفرسان التي أنشأها الإقطاعيون لحماية مصالحهم وجمع أموالهم. ومع تفشي عيوب النظام الإقطاعي، لجأ الناس إلى الكنيسة طلباً للنجاة من ظلم ملاك الأراضي. أصبحت الكنيسة القوة المسيطرة الوحيدة التي تربط بين أجزاء أوروبا، حيث مثل البابا أكبر سلطة تمتلك القوة الدينية والدنيوية. عاشت أوروبا في ظل قوانين دينية فرضتها الكنيسة، حيث مارس القساوسة سلطتهم على الشعب. ومع ذلك، أدى الفساد المتزايد في الكنائس والأديرة إلى حدوث حالات تمرد على تعاليم البابا، خاصة مع ظهور الحركة الإنسانية التي دعت إلى احترام كرامة الإنسان. برز عدد من المصلحين الذين طالبوا بإصلاح الكنيسة الكاثوليكية، وتمت ترجمة الإنجيل إلى اللغات المحلية مما عرّف الناس بأسس الديانة المسيحية. شهدت أوروبا خلال هذه المرحلة حروباً دينية طويلة، أدت في النهاية إلى بروز عصر النهضة في ربوع أوروبا بعد أن تقلصت سلطات رجال الدين وأصبح دورهم مقتصراً على الأمور الدينية فقط.

Scroll to Top