أرسل الله سبحانه وتعالى النبي محمد صلى الله عليه وسلم برسالته السماوية في يوم الاثنين الموافق 27 من شهر رجب قبل الهجرة بـ12 عاماً، وكان في ذلك الوقت يبلغ من العمر 40 عاماً. تميزت حياة النبي قبل البعثة بالعديد من الأحداث الهامة، وفي هذا المقال سنستعرض تفاصيل حياته قبل النبوة.
نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم
- كان للنبي محمد صلى الله عليه وسلم نسب شريف يُشهد له من قبل جميع من حوله سواء كانوا أعداء أو أصدقاء.
- اسمه الكامل هو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وكان يتبع قبيلة قريش من فخذ بني هاشم، وهي واحدة من أرقى القبائل العربية.
- كان جد النبي، عبد المطلب، معروفًا بسمعته الرفيعة وسلطته في قبيلته، حيث كان يهتم بخدمة الحجاج وتلبية احتياجاتهم، ووالده عبدالله بن عبد المطلب كان من أفضل أبنائه، وتزوج من آمنة بنت وهب التي كانت من أفضل نساء قريش.
- وقد أراد الله تعالى أن يختار رسولاً من بين أسمى القبائل ليكون هداية للأمة الإسلامية.
نشأة النبي محمد وطفولته
عندما حملت السيدة آمنة بالنبي صلى الله عليه وسلم، كان والده عبدالله في يثرب، ولكنه تعرض لمرض شديد وتوفي قبل أن يُولد، مما جعل النبي يتربى يتيمًا مع والدته فقط. وفي السطور التالية نستعرض مراحل طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم:
ولادة النبي محمد
- ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، ويدور خلاف حول المكان الدقيق لولادته، إذ يُقال إنه وُلد في دار عند الصفا أو في الردم أو عسفان.
- بعض المؤرخين ذكروا أن ولادته كانت في عام الفيل، في 12 من ربيع الأول، الموافق يوم الاثنين 22 من أبريل عام 571 ميلادي.
- تصف والدته آمنة مشهد ولادته بقولها إنها رأت نورًا خرج من مكان ولادتها يكفي لإنارة قصور الشام.
- عندما علم جده، عبد المطلب، بمولد آمنه، فرح كثيرًا وسماه محمد، وهو اسم غير شائع حينها، لكنه اختاره ليكون محل حمد من جميع الخليقة. ومن الطريف أن أبا لهب أعتق جاريته ثويبة، لأنها كانت أول من أخبره بمولد النبي.
إرضاع النبي محمد
قدّمت عدد من النساء إرضاع النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد ولادته، ومنهن:
- والدته آمنة بنت وهب: أرضعت الطفل محمد لعدة أيام، فيما يُقال أنها تراوحت بين 3 و7 أو 9 أيام.
- السيدة ثويبة: إحدى الجواري لأبي لهب، وقد قامت بإرضاعه مدة قصيرة، وأيضًا أرضعت أطفالًا آخرين مثل ابنها مسروح وحمزة بن عبد المطلب.
- حليمة السعدية: قامت بإرضاع النبي محمد صلى الله عليه وسلم لمدة عامين، حيث أرسلته والدته إليها لأنها كانت في منطقة تُعرف بكثرة المرضعات. وعند انتهاء فترة الرضاعة، عاد بها إلى مكة خشية عليه من انتشار الأمراض.
وفاة السيدة آمنة
- عندما كان النبي محمد في السادسة من عمره، أخذته والدته آمنة لزيارة عائلتها في يثرب. لكن أثناء عودتها، أصيبت بمرض شديد وتوفيت في منطقة الأبواء المدفونة بين مكة والمدينة.
وفاة الجد وكفالة العم
- بعد وفاة والدته، أخذ عبد المطلب، جد النبي محمد، كفالته وتربيته، فكان يعامله بحب ويدعوه للمجالس.
- أحب عبد المطلب حفيده وأخذه معه في جميع المجالس، حيث كان يجلس بالقرب من الكعبة ولا يسمح لأحد بالجلوس معه إلا محمد.
- استمرت كفالته حتى بلغت النبي 8 أعوام ثم توفي عبد المطلب، وطلب من ابنه أبو طالب أن يتولى رعاية النبي.
رحلة النبي مع عمه للتجارة
- كان أبو طالب مُحبًا لابن شقيقه، حيث كان يفضله على أبنائه في كل شيء. عندما بلغ النبي محمد 12 عامًا، طلب من عمه السفر معه إلى بلاد الشام للتجارة.
- خلال رحلتهما، التقيا راهبًا يدعى بحيرة، الذي أخبر أبو طالب بأن ابن شقيقه سيكون نبيًا، وطلب منه أن يعود به إلى مكة لضمان سلامته.
شباب النبي محمد
تمتع النبي محمد بحسن الخلق والطاعة لأبو طالب الذي تولى رعايته بعد وفاة جده. رغم محبة أبو طالب ورعايته، كان النبي مُفضلًا للاعتماد على نفسه وعمل، وسنستعرض أبرز الأنشطة التي قام بها قبل البعثة:
وظائف النبي محمد
رعي الأغنام
- عمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم في رعي الأغنام لأهل مكة خلال طفولته، حيث كانت تُعطى له أجورًا بسيطة. وقد كان الله تعالى يريد له أن يتعلم فنون الرعاية لتمكنه من قيادة أمته لاحقًا.
- كانت هذه التجربة دليلاً على منهج الله مع الأنبياء، حيث جعلهم جميعًا رعاة للغنم ليتمكنوا فيما بعد من رعاية الأمم التي ستتبعهم. كما قال النبي: “ما بعث الله نبيًا إلا ورعى الغنم”.
التجارة
- اشتهرت مكة بالتجارة، وكان عم النبي، أبو طالب، أحد كبار التجار. لذا، كان النبي يرافقه في أسفاره التجارية، وتعلّم منه أساليب البيع والشراء.
- وفي وقت لاحق، بسبب سمعة النبي في الصدق والأمانة، طلبت منه السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها العمل معها كمدير لأعمالها التجارية، وهو ما وافق عليه عندما بلغ العشرين من عمره.
زواج النبي محمد
- كانت السيدة خديجة، التي عمل معها النبي، امرأة حكيمة وغنية وجميلة، وقد كانت في الأربعين من عمرها بعد أن أصبحت أرملة.
- لاحظت خديجة من خلال تعامل النبي حسن خلقه وأمانته، مما دفعها لطلب الزواج منه بعد أن أخبرها ابن عمها ورقة بن نوفل عن مكانة محمد العالية.
- كان عمر النبي عند الزواج 25 عامًا، وقام عمه أبو طالب بخطبتها له. تعتبر خديجة أولى زوجات النبي، ولم يتزوج غيرها في حياتها، وهي أم لجميع أبنائه.
صفات النبي محمد قبل البعثة
كان النبي محمد مشهودًا له بحسن الخلق والأمانة منذ صغره، سواء من أعدائه أو من أحبائه. وقد وصفت السيدة خديجة بعض صفاته على النحو التالي:
- مدافع عن المظلومين ومساعد في استعادة الحقوق.
- أمين وصادق، مما جعله يُلقب بالصادق الأمين.
- الصدق في القول والفعل.
- كرم الضيافة ومساعدة الضعفاء.
- صلة الرحم.
- التزامه بالعقود والوعود.
مواقف تشير إلى النبوة قبل البعثة
حادثة شق صدر النبي:
أُجريت هذه الحادثة في طفولته عندما قامت مجموعة من الملائكة بشق صدره وغسله بالماء الطاهر، وإزالة قلبه وتنظيفه قبل إعادته، وهي علامة على النبوة والطهارة الروحية.
حادثة الراهب بحيرة:
وقعت هذه الحادثة في صغره عندما التقى برهب معروف بتنبؤاته بظهور نبي. لاحظ الراهب العلامات التي تدل على نبوة محمد وتنبأ بمكانته العظيمة في المستقبل.
حادثة الحجر الأسود:
عندما كان النبي صغيرًا، شهد حادثة إعادة الحجر الأسود إلى مكانه بعد ترميم الكعبة. وتعارك الناس حول من سيضع الحجر، ووقع الاختيار على النبي محمد ليكون هو الحَكم في هذا النزاع.
مواقف التجارة مع خديجة:
عندما عمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التجارة مع خديجة، كانت ترى صدقه وأمانته وأخلاقه الرفيعة، مما جعلها تُؤمن بنبوته وكانت من أوائل النساء اللواتي أسلمن.