شهدت حركة التأليف في العصر المملوكي نمواً ملحوظاً بالمقارنة مع الفترات الزمنية السابقة، حيث أدت الجهود الكبيرة التي بذلها السلاطين في دعم العلم والعلماء، بالإضافة إلى إنشاء مجموعة من المؤسسات التعليمية، إلى زيادة إنتاج الكتب والمصنفات في مجالات متعددة.
حركة التأليف في العصر المملوكي
ازدهرت أعمال التأليف والترجمة خلال العصر المملوكي، متميزة بتنوعها وثرائها، ويمكن تصنيف المؤلفات التي ظهرت في هذا العصر إلى عدة فئات كالآتي:
المؤلفات الدينية
- تزايدت المؤلفات الدينية بشكل كبير خلال هذه الفترة، خاصةً في مجالات علوم الفقه والسنة النبوية وتفسير القرآن الكريم، مما يعكس حاجة المجتمع في ذلك الوقت إلى إحياء العلوم الدينية.
- ومن الكتابات الدينية البارزة التي ظهرت خلال العصر المملوكي، فتوى ابن تيمية، “التبيان في أقسام القرآن الكريم” لابن قيم الجوزية، و”المنهل الروي في الحديث النبوي” للإمام بدر الدين الكناني.
- كما برز “الإتقان في علوم القرآن” لجلال الدين السيوطي و”أنوار التنزيل وأسرار التأويل” للبيضاوي، و”المقدمة الجزرية في التجويد” لابن الجزري الدمشقي.
المؤلفات في علوم اللغة العربية
تشتمل مؤلفات علوم اللغة على أقسام عديدة، ومن أبرزها:
المعاجم
- شهدت هذه الفترة إصدار العديد من المعاجم التي لا تزال تعد من المراجع الأساسية لدارسي اللغة العربية في الوقت الحالي.
- من بين المعاجم المهمة التي تم تأليفها “لسان العرب” لابن منظور الإفريقي، و”القاموس المحيط” لمجد الدين الفيروزبادي، و”المزهر في علوم اللغة” للسيوطي.
مؤلفات في النحو والصرف
أنجزت سلسلة من الكتب المتخصصة في النحو والصرف خلال العصر المملوكي، ومن أهمها “قطر الندى”، و”شذور الذهب”، و”ألفية ابن مالك” و”مغني اللبيب”.
علوم البلاغة
- ظهرت العديد من المؤلفات المتعلقة بعلم البلاغة، ومن بينها “تلخيص المفتاح” لجلال الدين القزويني، الذي يعد تلخيصاً لكتاب “مفتاح العلوم” للسكاكي.
- كما تم إصدار كتب أخرى مثل “حسن التوسل في صناعة الترسل” لشهاب الدين الحلبي، و”البديعيات في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم” مثل بديعة صفي الدين الحلي وبديعة ابن حجة الأموي.
مؤلفات التاريخ
- اتبع المؤرخون في العصر المملوكي أسلوباً مختلفاً في معالجة التاريخ، حيث جمعت كتاباتهم بين التدوين والنقد.
- هذا المنهج ساهم في تطوير فلسفة تاريخية شاملة تنطبق على جميع الأمم، مما يتيح للبشرية الاستفادة منها في كل زمان ومكان.
- من بين المؤلفات التاريخية الشهيرة تلك التي كتبها ابن خلدون، و”فوات الوفيات”، و”النجوم الزاهرة في ملوك مصر”، و”مختصر في التاريخ” لابن الوردي، و”عجائب المقدور في نوائب تيمور” لابن عربشاه، و”وفيات الأعيان” و”الأعلام في تاريخ الإسلام” لابن قاضي شبهة.
بقية العلوم
- علاوة على ما سبق، لم يقتصر العلماء على ما أنتجوه من مؤلفات دينية ولغوية، بل قاموا بتدوين العديد من العلوم الأخرى، رغم كونها أقل تخصصية.
- تم تأليف عدد من الكتب الموسوعية في مجالات متعددة، مثل “الحيل” لأبي العز الجزري، و”الأحكام الملوكية والضوابط الناموسية” لمحمد ابن منكلي، و”كشف الكروب في معرفة الحروب” لعماد الدين المصري، و”حياة الحيوان الكبرى” لكمال الدين الدميري.
عوامل ساعدت في تطور حركة التأليف في العصر المملوكي
بعد تناولنا لحركة التأليف في العصر المملوكي، لنستعرض أهم العوامل التي ساهمت في تطوير هذه الحركة:
- رغم أن الكثير من الباحثين يرون أن العصر المملوكي كان من الفترات الأكثر تراجعاً في التاريخ، إلا أن هذا الاعتقاد يحتاج إلى إعادة نظر نظراً لعوامل عدة، منها:
- قلة الدراسات والأبحاث التي تناولت أدب هذا العصر، مما نتج عنه نمط من الغموض حوله وأثر ذلك على تقييم أدبه.
- انقطاع التواصل مع الدول المحيطة، والذي أدى إلى ضعف في الثقافة العربية بسبب نقص التأثيرات الخارجية من الشام والمشرق العربي.
- العوامل السياسية، حيث تعرضت الدولة لتشتت كبير وانهيارات متتالية للحكم العربي في المنطقة، وخاصةً مع سقوط الدولة العباسية.
لطفاً، يمكنكم معرفة المزيد عن الموضوع من خلال الاطلاع على مصادر إضافية.