تعريف وتفسير الحديث النبوي الشريف

ما هو الحديث النبوي الشريف؟

في اللغة، يشير مصطلح “الحديث” إلى ما يخالف القديم، ويعني نقل الكلام سواء من خلال السمع أو الوحي، سواءً كان ذلك في حالة اليقظة أو المنام. ومن هنا، سمي القرآن الكريم حديثًا، حيث جاء في قوله تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّـهِ حَدِيثًا). أما في الاصطلاح الشرعي، فيُعرف الحديث بأنه ما نُقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة. وقد عُرُّف العلماء السنة بتعريف مشابه، حيث تشمل ما نُقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أقوال وأفعال وتقرير وصفاته الخَلقية أو الخُلقية، سواء قبل البعثة أو بعدها. وبالتالي، تتوافق السنة بهذا المعنى مع الحديث، حيث اقتصر الحديث في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- على أقواله فقط، ليتم توسيعه بعد وفاته ليشمل أفعاله وإقراره وصفاته.

ومن الأمور التي يعتبرها الإقرار من النبي -عليه الصلاة والسلام- هو فعله أو قول أحد الصحابة -رضي الله عنهم- بحضور رسول الله، حيث تأتي سكوت النبي وإقراره في هذا السياق. كما يُعتبر قول الصحابي أو التابعي وفعله وتقريره حديثًا أيضًا.

مثال على السنة التقريرية هو سكوت النبي -عليه الصلاة والسلام- أثناء تناول الصحابة لطبق الضبّ وهو معهم، على الرغم من أنه لم يأكل منه، مما يدل على إباحته. أما عن الصفات، فقد وُصِف النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه سهل التعامل، ليِّن الجانب، وليس فظًّا، حيث اتّصف بجميع محامد الأخلاق. ومن هنا، فإن اهتمام العلماء بالحديث النبوي يعود لكونه المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، بالإضافة إلى تمييز الأحاديث الصحيحة من الضعيفة والمكذوبة.

أنواع الحديث النبوي الشريف

أنواع الحديث حسب طريقة وصوله إلينا

يمكن تقسيم الأحاديث النبوية استنادًا إلى طريقة وصولها إلى قسمين رئيسيين:

  • الحديث المتواتر: هو الحديث الذي رواه عدد كبير من الرواة في كل طبقة، بحيث يستحيل أن يتفق هؤلاء على الكذب. للحديث المتواتر شروط تتمثل في أن يرويه عدد كبير في كل طبقة من طبقات السند، على أن يكون مصدر اتفاقهم الحواس، كالسماع أو المشاهدة. يتوجب الإيمان بالحديث المتواتر إيمانًا كاملًا ويُقسم إلى متواتر باللفظ والمعنى، ومتواتر بالمعنى فقط. ومن أبرز المؤلفات عن الحديث المتواتر كتاب “الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة” للسيوطي.
  • حديث الآحاد: هو الحديث الذي يسقط أحد شروط المتواتر. كما أن حديث الآحاد ينقسم إلى عدة أقسام ولكل منها حكمها الخاص. من المصنفات الخاصة بحديث الآحاد “المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة” للسخاوي.

أنواع الحديث حسب قائله

ينقسم الحديث وفقًا لقائله إلى عدة فئات، نوضحها كما يلي:

  • الحديث القدسي: يُعرف أيضًا بالحديث الإلهي أو الرباني، وهو الحديث الذي رواه سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- عن الله -عز وجل-. سُمي بالقدسي نسبة إلى الطهر، حيث وُصف جبريل -عليه السلام- في القرآن بالقدس، كما ذكر في قوله تعالى: (قُل نَزَّلَهُ روحُ القُدُسِ مِن رَبِّكَ بِالحَقِّ). يُروى الحديث القدسي بطريقتين، الأولى أن يقول الراوي: “قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه”، أو يقول: “قال الله -تعالى-“. أما الطريقة الثانية، فتعرف بطريق الخلف، حيث يقول الراوي: “قال الله -تعالى- فيما يرويه عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم-“. وقد جمع بعض العلماء الأحاديث القدسية في مؤلفات مثل “مشكاة الأنوار” لمحيي الدين الحاتمي.

أنواع الحديث من حيث صحته وضعفه

يجري تقسيم الأحاديث وفقًا لمدى صحتها إلى عدة أنواع:

  • الحديث الصحيح: يُعرف الحديث الذي اتصل سنده برواية رواة عدول ضابطين عن أمثالهم، وهو يشمل الحديث المرفوع والموقوف والمقطوع. يجب أن يتصف الحديث الصحيح باتصال السند وعدالة الرواة، وضبطهم، وخلوه من العلل والشذوذ. يُقسم الحديث الصحيح إلى نوعين: صحيح لذاته، حيث تتوافر فيه جميع الشروط، وصحيح لغيره، حيث تكون بعض الشروط مفقودة لكنها تُعوض بأخرى، مثل الحديث الذي يُعتبر صحيحًا بسبب تعدد طرق روايته، وإن لم تُعوض هذه الشروط، ينتقل الحديث إلى كونه حسنًا لذاته. ومن الكتب المعروفة في هذا المجال “صحيح البخاري” و”صحيح مسلم” و”الموطأ” للإمام مالك -رحمهم الله جميعًا-.
  • الحديث الحسن: هو الحديث الذي عُرفت رواياته عن رواة تثبت صحة أقوالهم، إلا أن ضبطهم أقل من رواة الحديث الصحيح. يُعتبر الحديث الحسن مقبولًا، ويقسم إلى حسن لذاته (حيث يتصل السند برواية عدل وإن كان ضبطه أقل) وحسن لغيره (وهو حديث ضعيف تقوى بطرق أخرى). بشكل عام، تتراوح درجة الحسن بين الصحة والضعف، حيث يمكن أن يميل مرة للصحة وأخرى للضعف.
  • الحديث الضعيف: يُعد الحديث الضعيف هو الذي يفتقر إلى شروط الصحة والحسن، وقد يكون سبب ضعفه عدم ضبط الراوي أو انقطاع في السند. يختلف ضعف الحديث من حديث لآخر، حيث يُقابل معايير مختلفة مثل الضعيف، والضعيف جدًا، والواهي، والمنكر، والموضوع.
Scroll to Top