تطور مفهوم العصف الذهني ومراحل تطوره

مفهوم العصف الذهني

العصف الذهني هو استراتيجية تهدف إلى تعزيز التفكير الإبداعي من خلال توليد مجموعة واسعة من الأفكار الجديدة. يُعتبر طريقة من طرق التفكير المتعددة، حيث يمكن أن تُسهم هذه العملية في استنباط أفكار مبتكرة لحل المشكلات. يدعو العصف الذهني الأفراد إلى تقديم أفكار قد تبدو غير منطقية في بدايتها، إلا أن بعض هذه الأفكار قد تُفضي إلى حلول مبتكرة، بينما يمكن أن تؤدي أفكار أخرى إلى استنباط أفكار جديدة. تسهم هذه النهج في مساعدة الأفراد على تجاوز أنماط تفكيرهم التقليدية.

خلال جلسات العصف الذهني، يُفضل أن يتجنب المشاركون نقد الأفكار، إذ يساهم ذلك في فتح آفاق جديدة وكسر الافتراضات الخاطئة حول نطاق المشكلة المطروحة. يعتبر الحكم والتحليل في هذا السياق عائقاً أمام إنتاج الأفكار ويقلل من مستوى الإبداع. يتم تقييم الأفكار في نهاية الجلسة، حيث يُحسن استكشاف الحلول الجديدة بعيداً عن الأساليب التقليدية.

أصول العصف الذهني

يُعد العصف الذهني أحد أكثر تقنيات الابتكار استخدامًا. يمكننا تتبع جذور هذه الطريقة وتاريخ بداياتها كما يلي:

  • بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، تم تأسيس شركة إعلانات في نيويورك تُعرف بـ BBDO، من قبل أربعة مؤسسين وهم باتن، وبارتون، ودورستين، وأوزبورن.
  • في عام 1939، بدأت الشركة تعاني من انخفاض تدريجي في الأرباح مما أدى إلى مغادرة أحد مؤسسيها الأربعة، روي دورستين.
  • في ظل هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الشركة، عاد أليكس أوزبورن، أحد مؤسسيها الأوائل، والذي عرف بشغفه بالتفكير الإبداعي، ليطور طريقة تعتمد على مفهوم “التفكير” (بالإنجليزية: Think Up) بهدف تشجيع موظفيه على تقديم أفكار مبتكرة لرفع مستوى الشركة.
  • في عام 1942، نشر أوزبورن كتابه “كيف تُفكر” (بالإنجليزية: How to Think Up)، الذي عُدَّ المدخل الأساسي لمفهوم العصف الذهني الذي قدَّمه لاحقًا.
  • بحلول عام 1951، تمكنت شركته من أن تصبح ثاني أكبر شركة إعلانات، وذلك بفضل جهوده في تحفيز إبداع موظفيه.

الأسلوب الأمثل للعصف الذهني

يجب أن تتكون مجموعات العصف الذهني من خمسة إلى اثني عشر شخصاً، مع تنوع في الخبرات. ينبغي أن يدخل المشاركون الجلسات بذهن منفتح وبدون إصدار أحكام، حيث يؤكد أوزبورن على ضرورة معرفة الأعضاء بالمشكلة التي يسعون إلى حلها. كما يُفضل وجود مدرب لتحسين سير الجلسة.

يتعين تدريب الأعضاء على قواعد وتقنيات العصف الذهني قبل البدء. خلال الجلسات التي أدارها أوزبورن، عددها 401، تم الوصول إلى حوالي 34000 فكرة جديدة، وتم اختيار 2000 فكرة على أنها ذات جودة عالية. وكانت هذه الجلسات تُعقد في أجواء خاصة تهدف إلى تعزيز الإبداع.

أهمية العصف الذهني

لا يمكننا تحقيق التطورات الجديدة من خلال الاستناد فقط إلى الأفكار التي نجحت في الماضي. للوصول إلى أفكار مبتكرة، من الضروري استكشاف خيارات عديدة يمكن البناء عليها واختبارها. يُعتبر العصف الذهني طريقة فعالة لأسباب عدة، منها:

  • يخلق العصف الذهني بيئة حماسية ومفتوحة تحفز الجميع على المشاركة، حيث تُقبل الأفكار الغريبة ويتم البناء عليها، مما يعزز تطور مجموعة متنوعة من الحلول الإبداعية.
  • يُساهم العصف الذهني في استغلال خبرات الأعضاء المتنوعة لدى الفريق أثناء حل المشكلات، مما يزيد من ثراء الأفكار المستكشفة وبالتالي يتسنى إيجاد حلول أفضل للتحديات المطروحة.
  • يمكن أن يُسهل العصف الذهني أيضًا الوصول إلى توافق بين أعضاء الفريق حول الحل المختار، حيث يكون غالباً الأكثر فعالية بسبب مشاركة العديد في تطويره، ويعزز الروابط بين الأعضاء بفضل الأجواء الإيجابية التي يخلقها.
  • سيكون للعصف الذهني تأثير فعال إذا تم تطبيقه بعقل متفتح واستبعاد الأحكام المسبقة، لأن النقد المبالغ فيه خلال هذه المرحلة قد يعيق توليد أفكار جديدة، مما يؤثر سلباً على جودة الأفكار وكثرتها فضلاً عن الروح المعنوية.
Scroll to Top