الحجاز
الحجاز هو أحد الأقاليم الشهيرة في شبه الجزيرة العربية، والتي تشمل أيضًا (تُهامة، واليمن، ونجد، واليمامة). تعتبر منطقة الحجاز من المناطق الجبلية الموجودة في الجزء الغربي والشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية، وتمتد من معان عند رأس خليج العقبة حتى القنفذة، وتشمل أيضًا المناطق الواقعة بين الليث على الساحل الغربي للبحر الأحمر. تُعد الحجاز مركزًا روحيًا هامًا للمسلمين، حيث يتوجه الزوار إليها لأداء شعائر الحج والعمرة. وقد تعددت أسباب تسميتها بـ “الحجاز”، ومن هذه الأسباب:
- تقع منطقة الحجاز كحاجز بين المناطق المرتفعة من جهة الشرق والساحل الغربي للبحر الأحمر.
- تعتبر منطقة محصورة ومحجوزة بين السلاسل الجبلية.
- تشكل الحجاز فاصلاً بين غور الشام ومناطق تُهامة واليمن.
تاريخ الحجاز
الحجاز قبل الإسلام
كما الحال في بقية أجزاء شبه الجزيرة العربية، انقسمت الحياة في الحجاز إلى نمطين رئيسيين: الحياة المستقرة والحياة البدوية. ونظرًا للطبيعة الصحراوية للمنطقة، كانت حياة البدو هي السائدة، بينما ظهرت المدن والقرى في بؤر محدودة من الواحات الخصبة. ومع ذلك، لم تكن المدن في الحجاز معزولة عن الحياة البدوية المحيطة بها، بل تأثرت بها في مجالات متعددة.
قبل ظهور الإسلام في الحجاز، كان لدى سكان المنطقة مجموعة من الديانات المختلفة، رغم أن معظمهم كانوا وثنيين، حيث قاموا بأداء فريضة الحج وزيارة الكعبة وممارسة طقوس مختلفة. وكان للحجاز دور اقتصادي هام، إذ اعتبرت حلقة وصل بين البحر الأبيض المتوسط وبلاد الشام من جهة، والمحيط الهندي واليمن من جهة أخرى. وبفضل هذا الدور، كانت الحجاز هي النقطة البرية الوحيدة التي تربط شمال شبه الجزيرة العربية بجنوبها، حيث تتفرع منها طرق تجارية إلى الشمال الشرقي والشرق. ورغم محاولات الرومان واليونانيين للسيطرة على الحجاز، لم يكتب لها النجاح، وكذلك فإن أبرهة الأشرم قد هاجم مكة في عام 570 ميلادي ولكن لم يحقق أهدافه.
كان للعصبية القبلية في الحجاز قبل الإسلام دور بارز في بناء مجتمع عربي متماسك. ومع وجود هذه العصبية، كان سكان الحجاز يتعاونون فيما بينهم، مما أثر بشكل إيجابي على الحياة الاجتماعية والسياسية للفرد. وقد اعتبرت العصبية سمة أساسية لا بد منها في المجتمع الحجازي.
الحجاز في العصر الإسلامي
شهدت الدعوة الإسلامية أولى مراحلها في الحجاز، ولا سيما في مكة المكرمة، التي تُعد مهد الإسلام. أما المدينة المنورة، فتعتبر منبع العديد من الأحداث التاريخية والتشريعات الإسلامية، وكانت أول عاصمة للدولة الإسلامية. ومع انتشار الإسلام وتأسيس الدولة، تم توحيد شبه الجزيرة العربية تحت راية الإيمان. وبعد فترة النبي محمد عليه السلام، توسعت الدولة الإسلامية بشكل أكبر في عهد الخلفاء الراشدين، حيث كانت المدينة المنورة مركز الدولة، لكن مع مقتل الخليفة عثمان بن عفان وظهور النزاعات بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب، فقدت الحجاز مكانتها كمركز رئيسي للدولة بعد توسيعها. ويمكن تلخيص تاريخ الحجاز بعد هذا التوسع عبر النقاط التالية:
- الحجاز في العهد الأموي: أصبحت الحجاز إقليماً تابعاً للدولة الإسلامية تحت قيادة الخليفة، وتم تقسيمها إلى ثلاث مناطق رئيسية تضم مكة والمدينة والطائف. على الرغم من أن المدينة المنورة كانت مركز ولاية الحجاز، قام عبد الله بن الزبير بتعزيز مكانة مكة. ومع ذلك، لم تعد الحجاز تتمتع بنفس الامتيازات المالية السابقة، إذ كانت الضرائب والعوائد المالية تُرسل إلى دمشق، لكن المبادئ الدينية للمكان ظلت محفوظة.
- الحجاز في عهد الدولة العباسية: استمر الحجاز في كونه إقليماً تابعاً للعاصمة العباسية بغداد، حيث عُين الولاة من بين الأمراء العباسيين. شهدت الفترة ازدهار الحياة العلمية في مكة والمدينة، على الرغم من أن الفقر قد طغى بعد حادثة مقتل الحسين بن علي. وقد أثرت ظروف الفقر بشكل كبير على مجالات الحياة، ولكن لم يتأثر طلب العلم، خاصةً في مجالات الفقه والحديث. مع تراجع نفوذ العباسيين، سادت الفوضى والهجمات التي تعرضت لها الحجاز من قبل القرامطة.
- الحجاز بعد القرن الثالث الهجري: زاد تأثير العلويين في الحجاز خلال النصف الثاني من القرن الرابع، حيث أنشأت سلالات تحكم الحجاز وتدين بالولاء لمصر. وبعد أن استولت الدولة العثمانية على مصر، أصبحت الحجاز أحد الممالك التابعة لتركيا في عام 923 هجري.
- الحجاز في العصر الحديث: في عام 1916م، قاد الشريف الحسين بن علي ثورة ضد الدولة العثمانية الذي أسس مملكة الحجاز عام 1918م بدعم إنجليزي. لكن خيبة الأمل برزت بسبب رفضه لمعاهدة فرساي، مما أثر على العلاقة مع الإنجليز. في عام 1924م، استولت قوات سعودية على الطائف ثم مكة والمدينة. بعد نفي الشريف الحسين إلى قبرص، انتقلت ملكية الحجاز إلى ابن سعود، وفي عام 1932م تم توحيد الحجاز ونجد تحت مسمى المملكة العربية السعودية.