يثير الكثير من الناس تساؤلات حول مشروعية العمل في شركات التأمين، حيث تُعتبر هذه الشركات جزءاً أساسياً من الاقتصاد الحديث.
تستقبل شركات التأمين من المشتركين مبالغ مالية بغرض تعويضهم وقت الأزمات والحوادث، وفي هذا المقال سوف نوضح حكم العمل في مجالات التأمين المختلفة.
شركات التأمين
تقدم شركات التأمين خدمات مالية مهمة للأفراد الراغبين في حماية أنفسهم من الخسائر المالية التي قد تصيبهم.
تساعد هذه الشركات في تعويض الأفراد عن حوادث مثل حريق المنزل، السرقة، أو الأمراض، مما يجعلها من أبرز المكونات الاقتصادية في الوقت الحاضر.
أنواع شركات التأمين
تقسم شركات التأمين إلى نوعين رئيسيين:
حسب الأنشطة التأمينية
تُغطي هذه الشركات مختلف جوانب الحياة، وكل شركة تختص بنوع معين من الأنشطة، يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع رئيسية، وهي:
- شركات تأمين على الحياة: تقدم هذه الشركات تغطية مالية للأفراد سواء خلال فترة حياتهم أو بعد وفاتهم.
- بعض هذه الشركات توفّر النوعين معاً، ولذلك تُسمى أحياناً بالشركات المختلطة.
- شركات التأمين العامة: تُعنى هذه الشركات بتأمين الممتلكات.
- توفّر تعويضات في حال حدوث سرقة أو حريق.
- تشمل أيضاً تأمينات لحوادث النقل وحوادث السيارات.
- الضمان الاجتماعي: تجري هذه الشركات التأمين على العلاج من جميع جوانبه.
- يتم دفع مبلغ رمزي لتتكفل الشركة ببقية مصاريف العلاج.
- الشركات الشاملة: تغطي هذه الشركات تأمين الوفاة والحياة والعلاج والنقل والتأمين ضد الغير.
- تغطي هذه الشركة جميع البنود المذكورة مسبقاً.
حسب الشكل القانوني
تصنف شركات التأمين بناءً على هيكلها القانوني إلى الفئات التالية:
- شركات المساهمة: تتأسس من قبل مجموعة من المساهمين.
- حيث يعود لهم الحق في ملكيتها، مما يمنحهم نصيباً من الأرباح.
- ثم يُعينون مجموعة من الأفراد لإدارة الشركة وتيسير شؤونها.
- شركات الصناديق: تمثل هذه الشركات طابعاً أكبر من الشركات السابقة.
- تغيب عنها نظام الأسهم، وتبقى ملكيتها خاصة بأصحاب الوثائق التأمينية.
- أما إدارة هذه الشركات، فتكون بيد مجموعة من الخبراء.
أٌسس وقواعد شركات التأمين
تلتزم شركات التأمين بمجموعة من المبادئ أثناء تقديم خدماتها لضمان الحفاظ على عملائها وزيادة أعداد المشتركين، ومن بين هذه المبادئ:
- حسن النية: يعتمد هذا المبدأ على ضرورة تقديم كل من العميل والشركة للمعلومات بدقة ووضوح.
- المصلحة التأمينية: يجب أن يكون الشخص الذي يتلقى التأمين هو من تكبد الخسارة المالية المتعلقة بالشيء المؤمن عليه.
- التعويض: يهدف هذا المبدأ إلى إعادة الأفراد المؤمن عليهم إلى وضعهم المالي الأصلي قبل الخسارة.
- مبدأ الحلول: يعنى بتعويض العميل في حال تعرضه لأضرار بسبب شخص آخر.
- حيث تسترد الشركة التعويض من ذلك الشخص وفقاً لحجم الضرر الذي أوقعه.
- المشاركة بالتعويض: يحق لشركات التأمين المطالبة من شركات أخرى بتسديد التعويضات.
- يتم تطبيق هذا المبدأ إذا كان العميل مشتركاً في شركات تأمين أخرى لنفس الشيء المؤمن عليه.
- السبب المباشر: من الضروري تحديد السبب الحقيقي وراء وقوع الخسارة.
- لذلك، يجب أن يتحدد ما إذا كان الشخص مستحقاً لتعويض ما.
حكم العمل في شركات التأمين على الحياة
تتجلى الأحكام المتعلقة بالعمل مع شركات تأمين الحياة فيما يلي:
- يُعتبر العمل في شركات التأمين على الحياة محظوراً، نظراً لأنه يشمل نوعاً من التأمين التجاري المحرم شرعاً.
- يعود ذلك لوجود عناصر الجهالة والربا والغرر.
- تشير حرمة العمل بهذه الشركات إلى تشابهها مع أنواع المقامرة.
- كما يتسبب ذلك في استغلال أموال الناس بشكل غير مشروع.
- يُعتبر العمل في هذه الشركات تعاوناً على الإثم، كما جاء في الآية الكريمة: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
- أما المكاسب التي تُحصل من العمل في مثل هذه الشركات، فإن كان الشخص قد اكتسبها قبل علمه بتحريم العمل، يمكنه الانتفاع بها.
- لكن إذا بلغت معرفته بتحريم هذا العمل، فلا يُسمح له بالانتفاع بها، وعليه التصدق بها في أوجه الخير.
سبب تحريم التأمين التجاري
اتفق العلماء على مبدأ حرمة مال وعمل شركات التأمين، ويرجع ذلك إلى:
- أساس التأمين التجاري يعتمد على المقامرة المحرمة.
- تأخذ هذه الشركات أقساطاً لقاء المبالغ المدفوعة لتعويض آخرين.
- ويشكل الفارق بين ما تحصله هذه الشركات وما تدفعه ربحاً لها.
- هذا الربح يُعتبر نوعاً من المقامرة، لأنه يعتمد على أحداث مستقبلية قد تجري حسب مشيئة الله.
- لذلك، لا يجوز العمل بهذه الشركات لما لها من عمليات محظورة.
- وسماه الله تعالَى ميسرًا، كما جاء في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ما هو التأمين المباح؟
أجاز العلماء العمل في التأمين التعاوني، لأنه مُباح شرعاً، ويقوم هذا التأمين على المبادئ التالية:
- التأمين التعاوني مُتكون من مجموعة من المسلمين يتشاركون في شركة تأمينية.
- يدفع كل عضو مبلغاً متفقاً عليه لتكون عوناً لمن يواجه حادثة أو مصيبة.
- هذا المبلغ يذهب للصندوق المشترك كأصلاً للمساعدة.
- تستهدف الشركة خدمات التكافل والتعاون بين الأعضاء بدلاً من الربح.
- يمكن أن يتولى فرد الوكالة في التجارة بمال الشركة مع تحويل الأرباح على الشركة فقط.
حكم العمل في شركات التأمين الصحي
تحدث بعض العلماء بإباحة العمل في التأمين الصحي تحت ظروف معينة، ومنها:
- ضرورة تأمين الفرد لنفسه وعدم قدرته على دفع تكاليف العلاج الباهظة.
- إجبار بعض المؤسسات موظفيها على التأمين الصحي.
- كما يحدث في بعض المؤسسات التي تلزم العاملين بالتسجيل في التأمين الصحي.
- رغم وجود عناصر الغرر، إلا أن العلماء يرون إباحة العمل في التأمين الصحي عندما يتعارض مع ضرر أكبر.
- وفقاً لهذا الرأي يُسمح بالتعامل مع شركات التأمين الصحي في بعض الظروف.
حكم التأمين على الحياة
تتضمن آراء متعددة في ما يخص التأمين على الحياة وفقاً لطريقة تطبيقه:
- التأمين التقليدي: يعتبر التأمين التقليدي على الحياة، والذي يتضمن دفع أقساط دورية دون معرفة حجم التعويض، غالباً ما يُحرم في الإسلام بسبب وجود عناصر الربا والمقامرة. حيث يعتمد على أحداث المستقبل والتخمين بوجود عدم اليقين (الغرر).
- التأمين التعاوني (التكافل): يعدّ التأمين التعاوني بديلاً شرعياً للتأمين التقليدي. يعتمد هذا النوع من التأمين على مبدأ التعاون بين الأفراد حيث يسهمون في صندوق مُشترك لمساعدة الأعضاء المتضررين. يمتنع هذا النوع من الربا والمقامرة وهو متوافق مع المبادئ الإسلامية.
العمل في شركات التأمين
يتوقف حكم العمل في شركات التأمين على نوع الشركة وطبيعة الخدمات التي تقدمها:
- العمل في شركات التأمين التقليدي: يُعتبر محرمًا إذا تضمّن التعامل مع الربا والمقامرة. يجب التحقق من طبيعة المعاملات لتحديد توافقها مع الشريعة.
- العمل في شركات التأمين التعاوني (التكافل): يعد جائزًا لأنه يتماشَى مع الأنظمة الشرعية ويتجنب الربا والمقامرة ويلتزم بالمبادئ الإسلامية.
هل العمل في شركات التأمين ليس فيه ربا ولا مقامرة؟
إذا كان العمل في شركات التأمين يعمل تحت نظام التأمين التعاوني (التكافل)، فإنه يعد غير مشمول بالربا أو المقامرة، مما يجعل العمل في هذه الحالة جائزًا. ومن الأمور التي تدعم هذا الرأي تشمل:
- التعاون والتبرع: يعتمد التأمين التعاوني على مبدأ التعاون والتبرع، مما ينتفي معه الربا والمقامرة.
- التنظيم الشرعي: تلتزم شركات التأمين التكافلي بأحكام الشريعة وإخضاعها لمراجعة من هيئات شرعية.
- الشفافية والعدالة: يتميز التأمين التعاوني بوجود العدالة والشفافية وذلك في العمليات مما يعزز وجوده تحت الجانب الشرعي.