تعتبر التعاليم والمبادئ الإسلامية بمثابة إطار شامل للأخذ بيد البيئة إلى آفاق التطور والتغيير الإيجابي. إنها مجموعة من القواعد التي لا تقتصر على كونها نظرية، بل تمتاز بواقعيتها ومرونتها لتكون مناسبة لكل الأزمنة والأمكنة، مما يسهل للأفراد الحصول على حياة مليئة بالسعادة والراحة. في هذا السياق، سوف نتناول دور الإسلام في حماية البيئة.
تعريف البيئة
- تشير البيئة إلى المكان والحيز وكل ما يحيط بالإنسان وله تأثير عليه، وتتنوع أشكال البيئة لتشمل البيئات الاجتماعية والسياسية وغيرها.
حماية البيئة في الإسلام
- تحذير الإسلام من تلويث البيئة: دائمًا ما دعا الإسلام إلى نظافة البيئة والحفاظ عليها من أي تصرفات تضر بمكوناتها، وهو ما أكد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- أهمية نظافة المساجد: أولى الإسلام أهمية كبيرة لتنظيف المساجد وتطهيرها، مع التأكيد على الرفق واللين في التعامل مع الآخرين. النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زجر الصاحب الذي أحدث بللاً في المسجد، بل أمر بنصحه بلطف.
- كما كانت السيدة عائشة تشير دائمًا إلى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على نظافة المساجد.
- الحفاظ على نظافة الطرق: حرص الإسلام على نظافة الطرق كونها أماكن تواجد الناس بشكل دائم، لذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلويثها من خلال رمي المخلفات أو البصق فيها.
- من الأمثلة على تلوث الطرق في الأماكن العامة التدخين، الذي يؤثر سلباً على العديد من الأشخاص، ولذلك يعد عادة محرمة.
- كذلك حرم الإسلام بعض الممارسات مثل الرسم على الجدران، نظرًا لكونه تلوث بصري، وأكد على ضرورة الجمال والاعتناء بالمظاهر الحسنة.
- غلظ أيضًا من مفهوم التلوث المعنوي الذي يحدث في الشوارع من خلال السباب والألفاظ غير المقبولة.
- النهي عن تلويث المياه: وضع الإسلام قواعد صارمة تمنع تلويث المياه، إذ يعد الماء أساس الحياة، وتلويثه يهدد الصحة العامة.
- من الجدير بالذكر أن النهي يرمي إلى حماية المياه الراكدة التي يمكن أن تتلوث، بينما المياه الجارية تظل أنظف وأكثر تجددًا.
العقوبات الإسلامية المتعلقة بتلوث البيئة
- العقوبات التي وضعها الله تعالى تهدف إلى تحسين السلوك الإنساني وليس إذلاله، حيث حرّم الإسلام الاعتداء على الأفراد وكذلك على البيئة، التي لها حق الحماية من التخريب والاستخدام غير المنظم لمواردها.
- لم يحدد الإسلام عقوبة معينة، بل جعلها في يد المسؤول أو الحاكم، كونه المسؤول الأساسي عن حماية البيئة، ويجب عليه التطبيق الصارم للعقوبات حسب نوع الإخلال.
- فإذا كان الاعتداء يسبب تدمير بيئي، يُطبق الحد الشرعي المناسب.
التربية البيئية في الإسلام
- يدعو الجميع إلى ضرورة إدراج التربية البيئية ضمن المنظومة التعليمية وفقًا لقيم الإسلام، لتغيير سلوكيات الأفراد وتعزيز أهمية البيئة في وعيهم.
- يجب على كل شخص إدراك أهمية التصدي للتلوث البيئي، مستلهمين من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال:
- ”لا يَبُولَنَّ أحَدُكُمْ في المَاءِ الدَّائِمِ الذي لا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ”، وهذا يشمل جميع مكونات البيئة.
قواعد الحفاظ على البيئة في الإسلام
- إزالة الضرر تكون أولوية: يعد إزالة الأضرار من الحقوق الأساسية في الشريعة الإسلامية، ويُشجع على اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة.
- درء المفاسد مقدم على جلب المصالح: يتوجب اتخاذ احتياطات لمنع تدهور البيئة قبل التفكير في الفوائد الشخصية.
- إزالة الضرر قدر الإمكان: يُحث المسلمون على بذل الجهود الممكنة لإزالة الأضرار عن البيئة.
- الضرر لا يزال بضرر مماثل: يُحرم القيام بأعمال تسبب ضررًا يساوي أو يفوق الضرر الحالي.
- تفضيل الضرر الأقل: عند مواجهة ضررين، يُفضل التصرّف الذي يؤدي إلى إنقاص الضرر.
- تحمل الأضرار الشخصية لدفع ضرر عام: في بعض الحالات، قد يُطلب من الأفراد تحمل الضرر الشخصي لمنع الأضرار العامة.
- اختيار أقل الشرين: ينبغي على الفرد اتخاذ القرار الذي يضمن تقليل الضرر بأكبر قدر ممكن.
- التوازن بين المصالح: يجب على الأفراد والمجتمعات تحقيق توازن بين المصالح الشخصية والحفاظ على البيئة والمصالح العامة.
- ما يوجد غرض له قد بطل بزواله: يجب تقييم الأعمال عند زوال الحاجة التي تستدعيها.
- ما يؤدي إلى المحرمات فهو محرم: ينبغي تجنب الأفعال التي تسبب الأذى أو المخاطر البيئية.
- الواجبات المطلوبة: إذا كان لا يمكن القيام بواجب ديني بدون الإضرار بالبيئة، فقد يصبح ذلك الواجب واجبًا.
- الحفاظ على العناصر الأساسية للبيئة: يشدد الإسلام على أهمية حماية الموارد الطبيعية الأساسية مثل المياه والهواء والتربة والنباتات والحيوانات.
أدلة دعم حماية البيئة
- خلق الله الكون والبيئة لمصلحة الإنسان، ويجب بالمقابل حماية البيئة. قال الله عز وجل: (وَما ذَرَأَ لَكُم فِي الأَرضِ مُختَلِفًا أَلوانُهُ إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَذَّكَّرونَ*وَهُوَ الَّذي سَخَّرَ البَحرَ لِتَأكُلوا مِنهُ لَحمًا طَرِيًّا وَتَستَخرِجوا مِنهُ حِليَةً تَلبَسونَها وَتَرَى الفُلكَ مَواخِرَ فيهِ وَلِتَبتَغوا مِن فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ*وَأَلقى فِي الأَرضِ رَواسِيَ أَن تَميدَ بِكُم وَأَنهارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُم تَهتَدونَ).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلَّا كانَ ما أُكِلَ منه له صَدَقَةً).