البذل في سبيل الله
منح الله -تعالى- كل إنسان قوى ومهارات خاصة يسير بها في حياته. ويمتاز المسلم الحقيقي أنه لا يكتفي بالعبادات الظاهرة وأداء الفرائض فقط، بل يسعى إلى البحث عن سبل ووسائل لنصرة دينه، ورفع رايته عالياً يوماً بعد يوم. لذلك، فهو يتأمل في قدراته وإمكاناته التي وهبها الله له، ليُسخرها في خدمة دينه ونصرة كتابه الكريم. ومن أوامر الله -تعالى- لعباده الاستعداد لمواجهة العدو في أي لحظة، كما قال: (وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرِينَ مِن دونِهِم لا تَعلَمونَهُمُ اللَّـهُ يَعلَمُهُم). وعندما ذكر الله -تعالى- الاستعداد بالقوة، جعلها نكرة لتشمل كل ما يمكن إعداده لخدمة أمة الإسلام، وليس مقتصراً على القوة العسكرية فقط.
كان الأنبياء -عليهم السلام- قدوةً للمسلمين في كيفية استغلال الطاقات والمواهب في خدمة الدين. فنبي الله داود -عليه السلام- استخدم قدرته على تليين الحديد في صناعة الأسلحة والدروع، رغبة منه في الجهاد. بينما استخدم نبي الله سليمان -عليه السلام- قدرته على التواصل مع الطيور لإرسال الهدهد إلى الأمم المحيطة به للدعوة إلى التوحيد والإيمان بالله. وعندما سُخرت له الجن والطرائف، أمرهم ببناء صرح عظيم من قوارير، مما أذهل ملكة الكفر حتى أسلمت مع سليمان لله. كما يُذكر ذي القرنين، الذي سخر قدراته العظيمة في سبيل الدعوة إلى الله، حيث سافر عبر القارات داعياً الناس للإيمان بالله. فقال الله -تعالى- واصفاً دعوته: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا*وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا). وهناك العديد من الأمثلة الأخرى من الأنبياء والصالحين الذين سخروا جهدهم في رفع كلمة دينهم فاستحقوا من الله الأجر والفضل.
الخدمة في الإسلام
تتعدد سبل خدمة الإسلام والمسلمين، حيث جعل الله -تعالى- الباب مفتوحًا لكل إنسان ليجتهد في ذلك. إليكم بعض هذه السبل:
- دعوة الناس إلى الله تعالى، فهي من أعظم العبادات وأفضل سبل خدمة الدين. وقد أُعطي الأنبياء والمُرسلون مهمة تعريف الناس بدينهم الحق، كما قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمَلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ). ومن صور الدعوة نشر الأعمال الصالحة بين الناس، سواء عبر المقالات الطبية أو في الصحف والمجلات أو بين الطلاب في المدارس والجامعات، والعمل على توضيح فضائل الدين.
- نشر العلم النافع بين الناس. يشمل هذا العلم ما يتعلق بالحلال والحرام، والأحكام الشرعية اللازمة في حياتهم، وغرس القيم والأخلاق الفاضلة. من المهم أيضاً تعليم الناس القرآن الكريم وأحكامه، فقد بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- معلمي الخير بقوله: (من علَّم علماً فله أجرُ من عمل به، لا ينقصُ من أجرِ العاملين).
- بناء المساجد، تُعتبر من أفضل الأعمال والقربات عند الله تعالى. حيث وعد الله -تعالى- النائب الجدير كامل الأجر. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن بَنى مَسجداً للَّهِ كمِفحَصِ قَطاةٍ، أو أصغرَ، بَنى اللَّهُ لَهُ بيتًا في الجنَّةِ). وبالتالي، يثبت من شارك في بناء مسجدٍ أنه شارك في الأعمال الخيرية ومراكز تحفيظ القرآن ورعاية الأيتام.
- الإصلاح بين الناس. قال الله تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). وبهذا، فإن إصلاح ذات البين من أعظم الأعمال في ميزان الله.
- إطعام الطعام وكفالة الأيتام، وهذان العملان لهما فضل عظيم وأجر كبير. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ). كما يقول النبي عن كفالة اليتيم: (أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكَذا، وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوُسطى).
خدمة الإسلام عبر التكنولوجيا
هنالك طرق أخرى لنشر الإسلام والدعوة إليه باستخدام شبكة الإنترنت، ومنها:
- إنشاء مواقع دينية جديدة تحمل المعلومات الصحيحة والخالية من التحريف، تحت إشراف لجنة من المتخصصين لمتابعة أي محتوى يُضاف إلى الموقع، مع العمل على نشر هذه المواقع ودعمها، وتحسين تصميمها لجذب المزيد من الزوار.
- استخدام البريد الإلكتروني لإرسال رسائل دعوية، تتضمن انتصارات للدين ونداءات للتمسك بالأخلاق. يمكن أيضاً استخدام البريد لمراسلة العلماء والدعاة لتعلّم العلوم الشرعية.
- الاستفادة من المنتديات العامة وغرف المحادثات الجماعية لطرح مواضيع للنقاش، وخلق بيئة تفاعلية تُنمي الفكر الديني النافع. يمكن إنشاء منتديات ذات طابع ديني يتناول أفكار بناءة للشباب.
- العمل على حجب ومنع المواقع التي تروج لأفكار سيئة أو تشوّه الدين، باستخدام تطبيقات وبرمجيات مثل الجدران النارية لحماية أطفال وشباب المسلمين.