اليمن في عصور ما قبل التاريخ
تشير الاثار التاريخية المكتشفة إلى أن تاريخ اليمن يمتد عبر عصور قديمة متعددة، بدءًا من الآثار الموجودة في وادي جردان، والتي تعود للعصر الأولدوي، الذي يُعتبر من أقدم العصور الحجرية. كما اكتشف علماء الآثار الفرنسيون دلائل تشير إلى أن الإنسان الأول عاش في معظم مناطقه، حيث ظهرت أدوات ورسوما تعود للعصر الحجري الحديث.
تُكشف بعض الآثار التي عثرت عليها البعثة الإيطالية في أماكن عدة من اليمن عن استيطان الإنسان خلال العصر النحاس والعصر البرونزي. وقد تمكنت البعثة الأمريكية من العثور على مدينة كاملة تعود للعصر البرونزي، بالإضافة إلى وجود كتل صخرية تشبه آثار ستونهنج قرب مدينة زبيد. علاوة على ذلك، تم رصد بعض المواقع الأثرية التي تعود للمرحلة الانتقالية بين العصرين البرونزي والحديدي.
اليمن تحت حكم مملكة أوسان
استمر اليمن تحت إدارة مملكة أوسان التي ظهرت في القرن العاشر قبل الميلاد، حيث تمركزت المملكة في وادي مرخة وتوسعت جنوبًا نحو بحر العرب وخليج عدن. كان نفوذ وأثر هذه المملكة كبيرًا في المنطقة، حيث احتكرت التجارة البحرية، خاصةً السلع القادمة من إفريقيا بفضل سيطرتها على الساحل اليمني والأفريقي.
شهد منتصف القرن السابع قبل الميلاد غزوات قام بها ملك سبأ، والتي دمرت مملكة أوسان وفرضت سيطرته على المنطقة. ومع ذلك، حافظت قبائل أوسان على وجودها في المنطقة حتى استعادت بعض قوتها في القرن الثاني قبل الميلاد لفترة قصيرة استمرت حتى بداية القرن الأول قبل الميلاد.
اليمن تحت حكم المملكة السبئية
تأسست المملكة السبئية في القرن العاشر قبل الميلاد عبر اتحاد عدد من القبائل، من بينها قبيلتي سبأ وأربعان، التي جعلت من مدينة صرواح عاصمتها، ثم انتقلت إلى مأرب. وقد امتد نفوذ السبئيين من مأرب شرقًا وصولًا إلى صنعاء غربًا، ليشمل بعد ذلك إقليم المعافر بعد القضاء على مملكة أوسان، ما جعل سلطتهم تشمل معظم الأراضي اليمنية. استمر حكم المملكة السبئية حتى منتصف القرن الثاني الميلادي عندما سقطت بيد بني جرت.
تميزت فترة الحكم السبئي بالازدهار، حيث تم إنشاء سد مأرب، الذي يعد من أكبر المنشآت الهندسية المائية القديمة في الجزيرة العربية. كما شهدت الحركة التجارية البرية والبحرية انتعاشًا كبيرًا، خاصة في تجارة التوابل والمنتجات الزراعية، ما ساعد المملكة على السيطرة على مضيق باب المندب وإنشاء مستعمرات على السواحل الإفريقية.
مع منتصف القرن الثاني قبل الميلاد بدأ نفوذ الجرتيين والهمدانيين يظهر في المنطقة بعد سقوط الأسرة الحاكمة، حيث جرت صراعات بين عدة ممالك مثل سبأ وحضرموت والريدانيين. خاض الجرتيون حربًا شاملة ضد قتبان وحضرموت، انتهت بفوز زعيم همدان.
شكل الملك الهمداني تحالفًا مع الأحباش وزعماء حضرموت للقضاء على قوة الريدانيين المتزايدة، ووقعت مواجهات عدة بين الهمدانيين والرياديين انتهت بسقوط مأرب بيد الريدانيين.
اليمن تحت حكم مملكة حمير
سيطرت مملكة حِمير على المناطق الجنوبية الغربية من شبه الجزيرة العربية منذ عام 115 ق. م، حيث جعلت من مدينة الظفر عاصمتها، ثم توسعت شرقًا حتى وصلت الخليج العربي وشمالًا في الصحراء العربية، وانتقلت عاصمتهم إلى صنعاء. وكانت مملكة حِمير قد اكتشفت طرقًا بحرية من مصر إلى الهند، مما أضعف التجارة الداخلية لمملكة سبأ.
شهدت مملكة حمير تدهورًا خلال القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد نتيجة للتغييرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مما أدى إلى تراجع التجارة وإهمال الزراعة. كما تعرضت المنطقة لغزوات حبشية وبيزنطية، بالإضافة إلى اضطرابات داخلية. في النهاية لجأت الحكومة الحميرية إلى القوة الفارسية التي استولت على الحكم عام 575م.
اليمن تحت حكم مملكة معين
نشطت مملكة معين في المناطق الشمالية من اليمن في القرن الرابع قبل الميلاد, حيث اتخذت مدينة يثلث عاصمة لها، وعمل أبناؤها في التجارة، وبخاصة تجارة الطيوب. كما أطلقوا عددًا من الأسواق ومعسكرات على طول طريق اللبان التجاري، مما جعلهم حلقة الوصل بين الممالك اليمنية والعالم الخارجي. تميزت هذه المملكة بمدنها المحصنة ومعابدها الشامخة المخصصة لآلهتها، والتي كانت تتميز بأعمدتها المزخرفة. في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد، تم القضاء على مملكة معين بواسطة السبئيين.
اليمن تحت حكم مملكة قتبان
ظهرت مملكة قتبان في القرن السابع قبل الميلاد في وادي بيحان نتيجة التعاون مع مملكة سبأ ضد مملكة أوسان، ثم توسعت نحو الشرق وصولًا للبحر الأحمر غربًا ومن مدينة ذمار شمالًا إلى بحر العرب جنوبًا. أصبحت مدينة تمنع عاصمة المملكة. خلال القرن الخامس قبل الميلاد، تعرضت قتبان لهجمات من مملكة سبأ، مما أدى إلى استيلاء السبئيين على العاصمة.
شهدت مملكة قتبان ضعفًا خلال القرن الثاني الميلادي بسقوط حكمها بيد مملكة حضرموت، والتي استغلت ضعفها. كانت القتبانيون معروفين بمقدرتهم المعمارية، حيث أسسوا مدنًا ومباني مميزة ومرافق عامة، إضافةً إلى طرق مهمة مثل الطريق الجبلي الذي يربط مناطق قتبان بالمناطق السبئية، مما سهل حركة القوافل التجارية. كما أبدع القتبانيون في الحرف اليدوية مثل صناعة التماثيل وسكّ العملات الفضية والذهبية.
اعتمدت مملكة قتبان على التجارة الداخلية والخارجية بفضل موقعها الاستراتيجي، ونجحت في السيطرة على المناطق الجنوبية المطلة على البحار، حيث قامت بتطوير مشاريع للري في وادي بيحان وأصدرت قوانين لتنظيم استخدام المياه وصيانة المنشآت المائية.
اليمن تحت حكم مملكة حضرموت
بدأت حضرموت حكمها منذ القرن السابع قبل الميلاد، حيث شملت أراضيها المهرة وإقليم ظفار شرقًا ووادي المعسال جنوب مدينة رداع. تتميز حضرموت بموقعها على ساحلٍ طويل يمتد على بحر العرب، حيث أُقيم ميناء رئيسي يُدعى قنأ وفقًا للنصوص القديمة. وادي حضرموت يُعتبر من بين أكثر المناطق جذبًا للاستوطان البشري بسبب مساحته الواسعة ومخزونه المائي القريب من السطح.
في منتصف القرن الثاني الميلادي، تمكنت حضرموت من السيطرة على معظم الأراضي القتبانية، وعقدت تحالفًا مع الملك السبئي وملك الحبشة للقضاء على الريدانيين. شهدت حضرموت ثورة تُعرف باسم ثورة أحرار يهبئر، لكنها قُمعت بمساعدة عدد من القوات من الملك السبئي. انتهى حكم حضرموت في عام 293م على يد الريدانيين.
اليمن تحت حكم الأحباش
في عام 525م، تمكن الأحباش من فرض سيطرتهم على اليمن، حيث تولى الحكم قائد يمني استولى عليه لاحقًا إرياط الحبشي، الذي خلفه أبرهة الأشرم، والذى شهد عهده ثورة يقودها زعيم يمني. في حدث شكل منعطفًا، انهار سد مأرب، مما أدى لتوقيع هدنة بين الجانبين للعمل على ترميم السد. انتهى حكم أبرهة في ما يُعرف بعام الفيل عندما حاول هدم الكعبة في مكة، فتولى ابنه الحكم ليكون آخر حُكام الأحباش بعد مغادرتهم اليمن عام 570م.
اليمن تحت حكم الفرس
استنجد أهل اليمن بالمملكة الفارسية إبان تعرضهم للاضطهاد من الأحباش، حيث أرسل حاكم بلاد فارس جيشًا لنصرتهم. تمكنت القوات الفارسية من هزيمة الأحباش والاستيلاء على الحكم في اليمن عام 575م. بحلول القرن الأول للهجرة، اعتنق والي الفرس في اليمن الإسلام، مما أدخل اليمن ضمن الدولة الإسلامية عام 628م.