طرق تحليل القصيدة على المستوى الصرفي
يُعتبر التحليل الصرفي للغة العربية أداة فعالة لتحديد دلالات مهمة وفتح أفق لتفسيرات متنوعة. يُعدّ هذا التحليل جزءًا أساسياً من فهم صيغ الأفعال والمشتقات، بالإضافة إلى بعض اللواصق (المورفيمات) التي تشمل اللواحق والسوابق. يتضح أن المستوى الصرفي يلعب دوراً محورياً في إبراز الخصائص النصية للشعر وإيضاح معانيه المتعددة. يتم إجراء تحليل قصيدة بناءً على المستوى الصرفي من خلال النقاط التالية:
- دراسة الصيغ اللغوية والوحدات الصرفية.
- البحث في بناء الكلمة.
- تحليل تناسق الوحدات الصوتية.
نموذج تحليل قصيدة على المستوى الصرفي
سنقوم بتحليل قصيدة “دعيني وقولي” للشنفرى من منظور صرفي على النحو التالي:
الصيغ الصرفية للأفعال في القصيدة
تبين عند قراءة قصيدة “دعيني وقولي” للشنفرى أنها تحتوي على مجموعة من الأفعال الماضية بصيغة “فَعَلَ”، مثل: خَرَجْنَا، قَلَّت، شَنَّ، وهذه الصيغة تحمل دلالة تستند إلى الثبات والأصل. إذ إن الفعل الماضي يشير إلى زمن سابق لتاريخ الكلام.
كما يُلاحظ استخدام صيغ أخرى للأفعال مثل صيغة “فَعَّلَ”، التي تدل على التعدي والتكثير والمبالغة. استخدم الشنفرى هذه الصيغة لإضفاء قوة وشدة على الأحداث المرافقة، فيقول الشاعر:
دَعيني وَقولي بَعدُ ما شِئتِ إِنَّني
سَيُغدَى بِنَعشي مَرَّةً فَأُغَيَّبُ
خَرَجْنَا فَلَم نَعْهَد وَقَلَّت وَصَاتُنا
ثَمانِيَة ما بَعْدَها مُتَعَتَّبُ
سَراحينُ فِتيانٍ كَأَنَّ وُجُوهَهُم
مَصابيحُ أَو لَونٌ مِنَ الماءِ مُذهَبُ
نَمُرُّ بِرَهوِ الماءِ صَفحًا وَقَد طَوَت
ثَمائِلُنا وَالزادُ ظَنٌّ مُغَيَّبُ
ثَلاثًا عَلى الأَقدامِ حَتّى سَما بِنا
عَلى العَوصِ شَعْشَعً مِنَ القَومِ مِحرَبُ
فَثاروا إِلَينا في السَوادِ فَهَجهَجوا
وَصَوَّتَ فينا بِالصَباحِ المُثَوَّبُ
فَشَنَّ عَلَيْهِم هَزَّةَ السَيف ثابِتٌ
وَصَمَّمَ فيهِم بِالحُسَام المُسَيَّبُ
وَظَلْتُ بِفِتيانٍ مَعي أَتَّقيهُمُ
بِهِمْ قَلِيلاً سَاعَةً ثُمَّ خُيِّبوا
وَقَد خَرَّ مِنهُم رَاجِلانِ وَفارِسٌ
كَمِيٌّ صَرَعناهُ وَخَوْمٌ مُسَلَّبُ
يَشُنُّ إِلَيْهِ كُلُّ ريعٍ وَقَلعَةٍ
ثَمانِيَةً وَالقَومُ رِجْلٌ وَمِقنَبُ
فَلَمّا رَآنا قَومُنا قيلَ أَفلِحوا
فَقُلنا اِسأَلوا عَن قائلٍ لا يُكَذَّبُ
المشتقات في القصيدة
تطغى في القصيدة صيغ اسم المفعول المشتقة من الأفعال، مثل: “مُتَعَتَّب، مُذْهَب، مُغَيَّب، مُسَيَّب، مُسَلَّب”، حيث يُلاحظ أن هذه الصيغ تتواجد في أغلب الأبيات، وتدل على الوصف لمن وقع عليه الفعل، مما يضيف عمقاً إلى تكوين الصورة الشعرية. وقد استخدم الشاعر هذه الألفاظ لوصف الأعداء أثناء تصويره للمعركة التي خاضها الصعاليك دفاعًا عن كرامتهم.
كما تظهر صيغة اسم الفاعل، مثل: “ثابتٌ، فارسٌ، قائل”، التي تشير إلى من قام بالفعل. وقد اعتمد الشاعر على هذه الصيغة للدلالة على الفاعل، مستخدمًا أيضًا صيغ جمع تكسير تدل على الكثرة، مثل “فتيان” و”ثمائل” و”مصابيح” و”سراحين”، وهي تعكس شدة المعركة وقوة النضال.
المورفيمات في القصيدة
تُعرف المورفيمات في اللغة العربية كوحدات دالة تسهم في تجزئة الكلمات، وتظهر بشكل واضح في القصيدة، ومن أهمها:
- المورفيمات المرتبطة بالأفعال: مثل النون في “خرجنا”، والياء في “دعيني وقولي”، والواو في “خيِّبوا”، والتاء في “ظَللتُ”، والتي توضح حالات الفاعل والمفعول.
- مورفيم التعريف بـ “أل”، مثل: الماء، الزاد، السواد، الأقدام، الصباح.
- حروف الجر، مثل: في، من، إلى، عن، على، الفاء، والباء، والكاف، واللام.
- تنوين الرفع والنصب والجر، مثل: “ثمانيةٌ”، و”فتيانٍ”، و”هزَّةَ”.
- الضمير “هم” الذي يشير إلى المفعولية.
- مورفيمات معجمية، مثل: حسام، والرجُل.
- مورفيمات تدل على النوع الكلامي، مثل: الأفعال “شنّ، خَرَّ” والأسماء “مصابيح، قلعة”.
- مورفيمات الإعراب، التي تشمل الرفع، مثل: الزادُ، والنصب، مثل: هَزَّةَ، والجر، مثل: الحُسَامِ.
- مورفيم الزمن، المتجسد في الأفعال مثل “شَنَّ، صَمَّمَ” للدلالة على الزمن الماضي، و”يُغدى، نَمُرُّ” للزمن الحاضر، و”اسألوا” للتعبير عن الأمر.
- المورفيمات الاشتقاقية، مثل اسم الفاعل في “قائل، فارس”، واسم المفعول في “المُسَيَّب، مُغَيَّب”.