مفهوم السرعة
نفترض أن هناك شخصًا يسكن على بُعد ثلاثة شوارع من المكتبة العامة، ويرغب في استعارة كتاب عن الفيزياء. إذا خرج من منزله مشيًا في الساعة 3:00 مساءً، ووصل إلى المكتبة في الساعة 3:23 مساءً، وبعد أن أنهى عملية استعارته الكتاب في الساعة 3:30 مساءً، قرر العودة إلى منزله باستخدام سيارة أجرة بدلاً من المشي. وبالفعل، وصل إلى منزله في الساعة 3:40 مساءً. عند مناقشة هذا المثال، يتضح لنا أن سرعة الشخص في العودة كانت أكبر من سرعته في الذهاب. وبالتالي، نستنتج مفهومًا عامًّا عن السرعة، وهو أنها تزداد حينما نقطع مسافة معينة في وقت أقل، وهذا المفهوم قريب من التعريف العلمي للسرعة.
لإجراء دراسة مفصلة حول مفهوم الحركة في الفيزياء، يجب علينا النظر في ميكانيكا الحركة الكلاسيكية، التي تركز على دراسة علم الحركة أو ما يُعرف بالكينماتيكا (بالإنجليزية: Kinematics). تساعد هذه الدراسة المتعلمين على فهم مفهوم الحركة بشكل عميق. كبداية لهذه الدراسة، يمكننا تعريف موقع الجسم على أنه موضع الجسم بالنسبة لنقطة مرجعية معينة. والإزاحة تكون أقصر مسافة بين موضع الجسم السابق والحالي، بينما المسافة تحدد طول المسار الذي قطعته الحركة.
بالعودة إلى فكرة السرعة، يمكن تلخيصها إلى نوعين، لكن في الحياة اليومية غالبًا ما نستخدم كلا النوعين للإشارة لنفس المعنى. السرعة المتجهة (بالإنجليزية: Velocity) والسرعة القياسية (بالإنجليزية: Speed) هما النوعان الرئيسيان. في هذا المقال، نركز على السرعة المتجهة وسنوضح الفرق بين النوعين، بالإضافة إلى تعريف المتجهات لتسهيل فهم السرعة المتجهة.
السرعة المتجهة
السرعة المتجهة تُعتبر كمية فيزيائية متجهة تتطلب تعبيرًا عن المقدار والاتجاه. على سبيل المثال، يمكننا أن نقول إن السيارة تسير بسرعة 50 كم/ساعة في اتجاه الشمال؛ حيث يكون المقدار هنا هو 50 كم/ساعة والاتجاه هو الشمال. يمكن تصنيف السرعة في شكلين: سرعة متوسطة وسرعة لحظية. في حالة السرعة المتجهة، تُحسب السرعة المتجهة المتوسطة بمقدار التغير في الإزاحة (Δف) مقسومًا على الزمن الإجمالي (Δز)، مما يتطلب معرفة الموضع الابتدائي والنهائي، وكذلك الزمن الابتدائي والنهائي.
السرعة المتجهة المتوسطة = Δف / Δز
بينما تعبر السرعة المتجهة اللحظية عن سرعة الجسم عند لحظة زمنية معينة، حيث يمكن تصور قياسها كأننا نجمّد الزمن ونقيس سرعة الجسم عند تلك اللحظة. عندما نذكر “السرعة المتجهة”، نعني السرعة المتجهة اللحظية، فإذا قلنا إن السرعة المتجهة لجسم ما هي 5 م/ث في الاتجاه الشمالي الشرقي، فإننا نشير إلى السرعة المتجهة اللحظية لذلك الجسم، والجدير بالذكر أن السرعة القياسية اللحظية تعبر عن مقدار السرعة المتجهة اللحظية، والتي هي أيضًا 5 م/ث.
السرعة القياسية
تعرف السرعة القياسية بأنها كمية فيزيائية قياسية تحتاج فقط إلى المقدار لتمثيلها. توجد نوعان منها: السرعة القياسية المتوسطة، التي تُحسب بقسمة المسافة المقطوعة على الزمن الإجمالي اللازم للرحلة، والسرعة القياسية اللحظية، التي تعبّر عن مقدار السرعة المتجهة اللحظية كما سبق ذكره. لذا، عند الإشارة إلى “السرعة القياسية”، غالبًا ما نعني السرعة القياسية اللحظية.
الكميات الفيزيائية
تصنف الكميات الفيزيائية إلى نوعين: الكميات القياسية والكميات المتجهة، وسندرسها في هذا المقال دون الدخول في الجوانب الرياضية.
الكميات القياسية
الكميات القياسية هي خصائص فيزيائية تتطلب سمة واحدة لتحديدها، وهي المقدار (بالإنجليزية: Magnitude). وهذا يعني أن الكميات القياسية تعتمد فقط على المقدار دون الحاجة إلى اتجاه. العمليات الرياضية عليها تُنفذ كما هو معتاد على الأعداد الحقيقية. يمكن أن تشمل الأمثلة على الكميات القياسية:
- الطول.
- المساحة.
- الحجم.
- المسافة.
- الزمن.
- السرعة القياسية.
- الكتلة.
- الكثافة.
- الضغط.
- درجة الحرارة.
- الطاقة.
- الشغل.
- القدرة.
الكميات المتجهة
الكميات المتجهة هي كميات فيزيائية تتطلب سمتين: المقدار والاتجاه (بالإنجليزية: Magnitude and Direction). هذه المتجهات تمكننا من دراسة وفحص المشكلات الفيزيائية متعددة الأبعاد. فمن خلالها يمكننا تقسيم المشكلة إلى مجموعة من المشكلات الأبسط بعدد أبعاد واحد.
يكتسب فهم المتجهات أهمية في دراستنا للكون المحيط بنا، فهو يتكون من أربعة أبعاد على الأقل: بعد زماني واحد وثلاثة أبعاد مكانية (الأعلى والأسفل، الأمام والخلف، اليمين واليسار). لذلك، لا يمكننا الاستغناء عن دراسة المتجهات.
عند الرغبة في مقارنة كميتين متجهتين من نفس النوع، يجب تجنب مقارنة كميتين مختلفتين، مثل عدم جواز مقارنة السرعة المتجهة بالتسارع، بما أن كلاهما مختلفان من حيث النوع. أثناء مقارنة كميتين متجهتين، نقوم بمقارنة المقدار والاتجاه لكل منهما. والعمليات الرياضية على الكميات المتجهة تتطلب أخذ كلا السمتين في الاعتبار، مما يزيد من تعقيد التعامل معها مقارنة بالكميات القياسية. وهناك أمثلة على الكميات المتجهة تشمل:
- الموقع.
- الإزاحة.
- السرعة المتجهة.
- التسارع.
- القوة.
بصفة عامة، الكميات التي تعتمد على الاتجاه تُعتبر كميات متجهة، في حين أن الكميات المستقلة عن الاتجاه تُصنف ككميات قياسية. ومع ذلك، نظرًا لأن كلا النوعين يحتاجان إلى المقدار للتعبير عنهما، قد يحدث لبس في التعرف على الفرق، مثل الفرق بين السرعة المتجهة والسرعة القياسية، حيث تمثل السرعة القياسية مقدار السرعة المتجهة.