التصميم التعليمي
يشير مفهوم التصميم التعليمي إلى العمليات التحليلية والوصفية التي تُستخدم لدراسة متطلبات التعلم. تعد هذه العملية منطقية وتساعد على تنظيم وتطبيق وتطوير وتقويم التعليم، بما يتوافق مع الخصائص الإدراكية للمتعلمين ويضمن لهم اكتساب المهارات المطلوبة.
تاريخ التصميم التعليمي
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، تم تطوير مجموعة واسعة من المواد التدريبية للجيش الأمريكي استنادًا إلى مبادئ التعلم والتعليم والسلوك البشري. تم استخدام اختبارات تقييم القدرات لقياس كفاءة المرشحين لبرامج التدريب. بعد النجاح الذي حققه التدريب العسكري، بدأ علماء النفس في دراسة التدريب كنظام متكامل، وابتكروا إجراءات تحليل وتصميم وتقييم متعددة.
خلال فترة الخمسينيات
خلال عام 1954، اقترح B.F. Skinner في مقالته “علم التعلم وفن التدريس” ضرورة احتواء المواد التعليمية الجيدة على خطوات بسيطة وأسلوب تفاعلي يُسجّل ردود الفعل السريعة، مما يُسهل تعزيز التعلم الذاتي. وفي عام 1956، قامت لجنة برئاسة بنجامين بلوم بنشر تصنيف مؤثر يتضمن ثلاثة مجالات أساسية للتعلم والتي تبقى مؤثرة في تصميم التعليم، وهي كالتالي:
- المعرفي: ما يعرفه الفرد أو ما يفكر فيه.
- النفس حركي: ما يقوم به الفرد جسديًا.
- العاطفي: ما يشعر به الفرد ومتعلق بمواقفه.
خلال فترة الستينات
في عام 1962، أسس روبرت جلاسر “المقاييس المرجعية للمعيار” لاختبار سلوك الأفراد بناءً على معايير موضوعية محددة، مما يُمكن من تقييم مدى تقدم المتعلمين في برنامج تعليمي معين. ثم في عام 1965، قام روبرت جاني بتحديد خمس نتائج تعليمية تشمل المعلومات النصية والاستراتيجيات المعرفية والمهارات الفكرية والمواقف والمهارات الحركية، مع تسعة أحداث تعليمية تُعتبر أسسًا لممارسات التصميم التعليمي الفعّالة.
في عام 1967، وبعد تحليل أسباب فشل المناهج التدريبية، اقترح مايكل سكريفن أهمية التقييم التكويني لتجربة المواد التعليمية مع المتعلمين وإجراء التعديلات اللازمة قبل الانتهاء من تصميمها.
خلال فترة السبعينيات
مع حلول السبعينيات، ازدادت نماذج التصميم التعليمي بشكل ملحوظ وازدهرت في مجالات متنوعة مثل العسكرية والتربية والصناعة، حيث بدأ العديد من منظري التصميم التعليمي بتبني برامج قائمة على معالجة المعلومات لتصميم التعليمات.
خلال فترة الثمانينيات
على الرغم من استمرار الاهتمام بتصميم التعليم في الجيش والقطاع التجاري، إلا أن التطورات كانت محدودة في المؤسسات التعليمية العليا. ومع ذلك، بدأ المعلمون والباحثون في استكشاف استخدام الكمبيوتر الشخصي كوسيلة في بيئات التعلم.
خلال فترة التسعينات
برز تأثير النظرية البنائية على التصميم التعليمي في التسعينات، كبديل للنظرية المعرفية التقليدية. حيث يُقدم دعاة هذه النظرية فكرة مفادها أن تجارب التعلم يجب أن تكون أصلية وتوفر بيئات تعليمية واقعية تسمح للمتعلمين ببناء معارفهم الخاصة. خلال نفس الفترة، ظهرت شبكة الويب العالمية كلوسيلة تعليمية فعالة عبر الإنترنت، حيث اعتمدت على الروابط التشعبية والنصوص كنقاط مرجعية مفيدة في العملية التعليمية.
الفترة بين 2000 و2010
تزايد شيوع التعلم عبر الإنترنت مع تقدم التكنولوجيا، مما أتاح تجارب تعليمية أكثر تعقيدًا وواقعية. في عام 2008، تم تحديث تعريف تكنولوجيا التعليم ليشمل “الدراسة والممارسة الأخلاقية لتسهيل التعلم وتحسين الأداء من خلال إنشاء وإدارة العمليات والموارد التكنولوجية المناسبة”، وذلك وفقًا لجمعية الاتصالات التعليمية والتكنولوجيا (AECT).
من عام 2010 إلى الوقت الحاضر
مع تقدم التكنولوجيا وتطور أساليب التعليم، أصبح التعلم غير الرسمي يحظى بأهمية متزايدة في التصميم التعليمي، خصوصًا في مجالات العمل. فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2014 أن التدريب الرسمي يمثل فقط 4% من إجمالي 505 ساعات سنويًّا التي يقضيها الموظف العادي في التعلم، كما أظهرت أن نتائج التعلم غير الرسمي تعادل نتائج التدريب الرسمي، مما عزز التركيز على تصميم قواعد المعرفة ووسائل الدعم للتعلم الذاتي.
الأسس النظرية للتصميم التعليمي
قام المهتمون ببيئة التعلم وأساليب تصميمها بتحديد نموذج مؤلف من خمسة أسس تتفاعل مع بعضها البعض عند تصميم بيئة التعلم، وتتمثل هذه الأسس فيما يلي:
- الأسس التعليمية: تتضمن النماذج والاستراتيجيات التعليمية اللازمة لتحقيق نوع التعليم المطلوب، وتشمل مجموعة واسعة من أسس التعليم أو التدريس.
- الأسس السيكولوجية: تعكس هذه الأسس فهم كيفية حدوث عملية التعلم وفقًا للمداخل المعرفية والبنائية، حيث يساهم تبني أحد هذه المداخل في تشكيل بيئة التعلم من حيث التصميم.
- الأسس التكنولوجية: ترتكز على معرفتنا بالعناصر التكنولوجية المتعلقة بالتعليم، وتبحث في كيفية استثمارها لدعم التعليم في بيئات التعلم.
- الأسس البرجماتية: ترتبط بمعايير تقدير التكلفة والعائد في تصميم بيئات التعلم، بالإضافة إلى دراسة الجدوى وتقويم البدائل التعليمية، مما يتماشى مع ضرورة مراعاة الجوانب الاقتصادية في استخدام تكنولوجيا التعليم.
- الأسس الثقافية: تعكس القيم والمعتقدات السائدة في المجتمع تجاه وظائف التعليم والتدريس.