تعريف سورة الإخلاص في القرآن الكريم

مفهوم سورة الإخلاص

تُعبر الإخلاص عن توجيه العبادة إلى الله -تعالى- وحده، والابتعاد عن الشرك والرياء. تُعتبر كلمة الإخلاص مرادفًا للتوحيد، وسورة الإخلاص تُعرف أيضًا بسورة “قل هو الله أحد”. من المهم أن نذكر أن التوحيد هو قاعدة الدين وأساسه، وهو الغرض الرئيسي من بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، الذي دعا الناس لعبادة الله وحده وترك الشرك.

في بداية السورة الكريمة، يأمر الله -تعالى- نبينا محمد أن يعلن للناس أن الله واحد بلا شريك. يُركز القرآن الكريم على ثلاثة أركان كبيرة: التوحيد، وأعمال العباد، وتوضيح أحوال يوم القيامة. لذلك، فإن سورة الإخلاص تُعد بمثابة ثلث القرآن في فضل قراءتها، وهي سورة مكية نزلت بعد سورة الناس، وتتألف من أربع آيات، وتأتي في الترتيب رقم 112 في المصحف العثماني.

محور سورة الإخلاص هو الدعوة إلى توحيد الله -تعالى-، والعبادة له، وتجنيب الرياء.

سبب تسمية سورة الإخلاص

ترتبط تسميتها بسورة الإخلاص بالتأكيد على وحدانية الله -سبحانه وتعالى-، ونفي الشريك عنه. تتضمن السورة تأكيدًا على أن الله يجيب دعوات السائلين ويفي بحاجات المحتاجين. كما تشير إلى أنه لم يُولد، ولم يُلد، ولا يوجد له شبيه، مما يُوجب توجيه العبادة له وحده. يُعتبر الإيمان بهذه السورة إخلاصًا لله، وهي مذكورة في القرآن دون أي أحكام شرعية أو قصص غيبية، مما يعكس تركيزها على التوحيد. من يصدق بما تحمله من معنى، فإنه سيكون نجاته من النار.

تدل كثرة أسماء السورة العظيمة على مكانتها؛ فقد أشار العلماء إلى نحو عشرين اسمًا مختلفًا لها. يُعرفها الصحابة -رضي الله عنهم- بسورة “قل هو الله أحد”، واطلق عليها العلماء أسماء أخرى، منها:

  • سورة التجريد، وسورة التفريد، وسورة التوحيد.
  • سورة النجاة، لأنها تُمكن الإيمان بما فيها من النجاة من الكفر وعذاب الآخرة.
  • سورة الولاية، حيث أن قراءتها والإيمان بها تكون سببًا للوصول إلى ولاية الله -تعالى-.
  • سورة النسبة، إذ نزلت ردًا على من سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نسب ربه.
  • سورة المعرفة، لأنها تُعتبر بوابة لفهم الله -سبحانه وتعالى-.
  • سورة الجمال.
  • سورة المقشقشة، لأن التقشيش يُشير إلى الشفاء، وهذه السورة سببٌ للبراءة من الشرك والنفاق.
  • سورة المعوذة.
  • سورة الصمد.
  • سورة الأساس.
  • سورة المانعة.
  • سورة المحضر، إذ أن الملائكة تحضر لسماعها.
  • سورة المنفّرة، لأنها تُبعِد الشياطين.
  • سورة المذكِّرة، لأنها تُذكر بالتوحيد الخالص.
  • سورة البراءة، لأنها تُعفي من الشرك وعذاب النار.
  • سورة النور، لأنها تُضيء قلب قارئها.
  • سورة الأمان، مما تُوفره من أمان من عذاب الله -تعالى-.

تمتاز سورة الإخلاص بوفرة أسمائها، وسُميت بهذا الاسم نظرًا لتأكيدها على الإخلاص لله -تعالى- في التوحيد.

مواضيع السورة وأهدافها

تناولت سورة الإخلاص مجموعة من الأسس الدينية الرئيسية، وهي:

  • تشير السورة إلى أحد أسس الإسلام، وهو توحيد الله -تعالى- في الأسماء والصفات، حيث تُبين صفاته العظيمة، وتؤكد أنه واحد بلا شريك، ولا نظير، ولا ولد له.
  • تتضمن السورة توحيدًا اعتقاديًا، حيث تُحدد ما يجب إثباته لله -تعالى- من الصفات المثبتة للكمال وتُنفي عن الله كل صفة نقص أو عجز، مما يُعزز مفهوم الكمال لله.
  • تهدف السورة إلى تعزيز أحد أصول الإسلام الجوهرية وهو التوحيد، الذي بُعث الأنبياء من أجله، بما فيهم خاتم الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو سبب كون سورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن.

تركز سورة الإخلاص على توحيد الله -تعالى- بأسمائه وصفاته، وتعزيز مفهوم الوحدانية ونفي أي مماثلة أو شريك له.

سبب نزول سورة الإخلاص

تعددت الأقوال بشأن سبب نزول سورة الإخلاص، حيث ذهب فريق من العلماء إلى أنها نزلت استجابةً لأسئلة يهودية. جاء في حديث سعيد بن جبير -رضي الله عنه- أنهم قدموا إلى النبي يسألونه: “يا محمد، من خلق الله؟” فاستشاط النبي غضبًا، ولكن جاءه جبريل ليهدئه وُنزلت السورة ردًا على سؤالهم: “قل هو الله أحد.”

وفقًا لقول آخر، فإن سبب نزول السورة هو أن المشركين أرسلوا عامر بن الطفيل ليستفسر عن صفات معبود النبي، لينزل الله سورة الإخلاص. كما قيل إنها نزلت رداً على سؤال نصارى نجران الذين استفسروا عن صفات الله، وما لبث النبي أن أوضح لهم عبر الآيات أن الله واحد ليس له شبيه.

بالتالي، تتنوع الآراء حول سبب نزول سورة الإخلاص، وتبقى الأسئلة حول اليهود ونصارى نجران هي الأكثر تأثيرًا.

تفسير سورة الإخلاص

فسر ابن كثير -رحمه الله- سورة الإخلاص على النحو التالي:

  • الآية (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ) تدلل على وحدانية الله وعدم وجود أي شبيه له أو نظير.
  • الآية (اللَّـهُ الصَّمَدُ) تشير إلى أن الله غني عن الخلق، والخلق كله فقراء إليه.
  • الآية (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) تدل على أن الله ليس له بداية أو نهاية، وبالتالي لا يوجد والد أو ولد له.
  • الآية (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) تُنفى التشبيه والمماثلة عن الله، مؤكدة أنه لا شيء يوازيه.

تفسير الآيات كما ورد في تفسير ابن كثير يُظهر عمق المعاني التوحيدية التي تحملها السورة.

فضل سورة الإخلاص

تُعتبر سورة الإخلاص من أهم سور القرآن الكريم، إذ تحتوي على أساسيات التوحيد وعبادة الواحد. ولها فضل عظيم مستند إلى العديد من الأحاديث النبوية، ومنها:

  • تعادل ثلث القرآن في المعنى والأجر، كما ورد في حديث أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ويضعف الأمر فكرة أنه يمكن الاكتفاء بها كقراءة عن ثلث القرآن، إذ يجب قراءة سلسلة السور كاملة في حال النذر.

  • تكون سببًا في محبة الله، إذ أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن محبة هذه السورة تُفضي لمحبة الله.
  • تُعد وسيلة للحماية من الشرور، حيث رُوي عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأها ليحصن نفسه من الشر.
  • توفر لك قصرًا في الجنة لكل من يقرأها عشر مرات.
  • تعدّ وسيلة لاستجابة الدعاء، حيث أن الدعاء مستجاب عند ذكر الله بأسمائه الحسنى المذكورة في السورة.

تظهر فضائل سورة الإخلاص كالنجاة والثواب الكبير لمن يقرأها بانتظام.

أثر سورة الإخلاص على حياة الفرد المسلم

تمتلك سورة الإخلاص تأثيرًا عميقًا على حياة المسلم في الدنيا والآخرة، منها:

  • تعزز شعور الفرد بوحدانية الله -تعالى-، مما يجعل المسلم يعظم خالقه ويعترف بأنه لا إله سواه.
  • تُعزز روح الالتجاء إلى الله، إذ يُعد هو المنقذ والمستغنى عن جميع المخلوقات.
  • تزيد من إيمان المسلم بأن الله -تعالى- هو الأول والآخر، مما يعزز يقينه في الخالق.
  • تُقوّي الإيمان بالصفات الإسلامية، وتعزز شعور الاعتماد على الله، والافتقار إليه.
  • تمنح المؤمن عزة وإيمان بأن الله هو الكامل في صفاته وأفعاله.

إجمالًا، تُعتبر سورة الإخلاص عناصر أساسية تزيد من إيمان الفرد بالله الواحد الأحد وتساهم في توجيهه نحو العبادة الخالصة.

Scroll to Top