تطبيقات على مبدأ “الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد”

شرح قاعدة الاجتهاد لا يُنقض بالاجتهاد

يُعرف الاجتهاد بأنه نوع من المجهود الذي يبذله الفقيه في سبيل فهم المسائل الشرعية، حيث يتطلب ذلك منه استخدام أدلة شرعية متنوعة مثل القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، بالإضافة إلى أساليب مثل القياس، والاستحسان، والمصالح المرسلة، وطرق سد الذرائع. ويُعبر الاجتهاد عن الجهد المُبذول للحصول على حكم شرعي في موضوع معين يتطلب العناء والمشقة.

تشير هذه القاعدة إلى أن الأحكام التي يتم الوصول إليها عبر الاجتهاد لا يجوز نقضها من خلال اجتهادات جديدة، حيث تُعتبر هذه الاجتهادات بمثابة أصول مستقرة في الفقه ولا يُسمح بتغييرها لأنه قد يُؤدي ذلك إلى فوضى في الأحكام. وفي حال حدوث خطأ واضح أو مخالفة لنصوص شرعية، فإنه يمكن مراجعتها، إذ أن النصوص تعتبر الركيزة الأساسية في الشريعة الإسلامية، ولا يُقبل الاجتهاد في المواضيع التي تغطيها النصوص القطعية.

أدلة القاعدة

دعمت هذه القاعدة من خلال إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- حيث قام أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بإصدار أحكام معينة بالرغم من اختلاف رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في بعض القضايا، ومع ذلك لم يستأنف أبو بكر حكمه، مما يدل على ثبات الأحكام الاجتهادية بحضور الصحابة الآخرين دون اعتراض.

تطبيقات فقهية للقاعدة

قدم العلماء العديد من التطبيقات الفقهية لهذه القاعدة، ومن أبرزها:

  • إذا قام مجتهد بتحديد أن الخلع يُعتبر فسخاً في قضية معينة، ثم غيّر رأيه في ما بعد إلى أنه يُعد طلاقاً، فإن الاجتهاد الأول يبقى مُعتبراً، لأن هذه المسألة من المسائل الظنية التي تقبل الاجتهاد.
  • في حال كان هناك خصمان قد تحاكموا إلى قاضٍ ما، وأرادوا استئناف حكمهم أمام قاضٍ آخر، فإن حكم القاضي الأول يظل ساري المفعول.
  • في قضية اجتهاد القبلة، إذا أجرى أحد المسلمين اجتهادًا في تحديد القبلة ولكن غيّر اجتهاده لاحقًا، فإنه يُعتبر مُلزماً بالاجتهاد المُعدل، ولا يُشترط عليه قضاء ما قد فاته.
  • عندما يظن أحد المسلمين طهارة أحد الإناءين ويستخدمه، ثم يُغيّر ظنه، فإنه لا يلتزم بترك الإناء الذي استخدمه.
  • إذا قام فاسق بالشهادة في قضية وتم رد شهادته، ثم تاب وأعاد الشهادة، فإن الشهادة الجديدة لا تُقبل لأنها تُعتبر نقضاً للاجتهاد الأول.
  • عندما يُلحق القائف أحد الأشخاص بنسب معين، ثم يعيد تقييمه ويُلحقه بشخص آخر، فإن ذلك يُعتبر غير مقبول لأنه يُعد نقضًا للاجتهاد السابق.
  • في المسائل التي تحتاج إلى اجتهاد، كحكم النكاح بدون ولي، فإن الاجتهاد الصادر من القاضي يبقى مُستقراً حتى وإن اختلفت الآراء.
Scroll to Top