تعبير حول مفهوم الظلم وتأثيره على المجتمعات

تعبير عن الظلم

قال علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه:

لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدراً

فالظلم آخره يأتيك بالندمِ

نامت عيونك والمظلوم منتبهٌ

يدعو عليك وعين الله لم تنمِ

يعتبر الظلم من أفظع الصفات التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان، فهو يعد استبداداً وعدم إنصاف، وينطوي على انتهاك حقوق الآخرين من خلال وضع الأمور في غير موضعها. إن الظلم هو عمل مذموم بكل المعايير، وقد حذرت الشرائع السماوية، وبخاصة الإسلام، من مغبته واعتبرته من كبائر الذنوب. فقد قال الله سبحانه وتعالى في حديث قدسي: (يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا). إن وقع الظلم يعود بالضرر الكبير، وعواقبه الأليمة تظهر في الحياة الدنيا والآخرة.

يتنوع الظلم في المجتمع بعدة أشكال. فقد يظهر ظلم الإنسان لنفسه من خلال الابتعاد عن توحيد الله واتباع طريق الشرك، إضافة إلى ارتكاب الذنوب التي تؤدي به إلى الهلاك. كما يتمثل ظلم الإنسان للآخرين عبر الغيبة والنميمة والظن السيء، أو بالاعتداء على حقوقهم واتهامهم بالزور، أو حتى من خلال الاستيلاء على أموالهم والتعدي على أعراضهم. أما ظلم الإنسان لأسرته، فيكون بتفضيل أحد الأبناء على الآخر، أو عدم تقدير الزوجة، أو من خلال عدم تلبية احتياجات الأسرة مع القدرة على ذلك. ومن جهة أخرى، قد يُمارس الإنسان الظلم في حق مجتمعه من خلال ارتكاب أفعال تجلب الضرر كالتحالف مع الأعداء أو التجسس، وكذلك قد يمتد الظلم ليطال الحيوانات من خلال التعذيب أو القتل دون مبرر.

وقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى فصل يحمل عنوان (الظلم مؤذن بخراب العمران) حيث يتناول آثار الظلم السلبية على الفرد والمجتمع. إن الظلم يُعتبر خسارة في الدنيا والآخرة، وسبب لجلب غضب الله وطرد الرحمة. كما يسهم في نشر العداوة والبغضاء بين الأفراد، ويعزز الفساد في المجتمع. ويستحق المجتمع الذي يعاني من الظلم عقاب الله وفقدان بركته، مما يؤدي إلى انتشار مشاعر الكره والحقد والعديد من الآفات الاجتماعية مثل الثأر والسرقة. وعلاوة على ذلك، يعد الظلم عائقاً كبيراً أمام تقدم المجتمع وازدهاره، إذ يشغل طاقاته في مشاكل داخلية بدلاً من توجيهها نحو التطوير والنهضة. لذا، فالأجدر بالإنسان أن يتحلى بالعدل مع نفسه ومع الآخرين، وأن يلتزم بكافة حدود الله ليحقق السلام والخير في حياته وحياة من حوله.

Scroll to Top