خلق الكون
إن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان نعمة العقل، ودعاه إلى التفكير والتأمل في هذا الكون الشاسع. وقدم له العديد من الأدلة والبراهين التي تثبت وجوده وعظمته، إذ أن كل مظاهر الحياة في الكون تدعو الإنسان إلى الإيمان به. من خلال التأمل في مخلوقاته، يمكن للمرء أن يتعرف على صفات الله ويلاحظ دقة إتقانه وجمال صنعه. في نهاية المطاف، يتوصل الأفراد إلى الإقرار بوحدانية الله وقدرته العظيمة. وقد تناول القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث الناس على التدبر في بديع خلق الله، حيث ورد في الآية الكريمة: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ) [آل عمران: 190]
إبداع الله في الكون
خلق الإنسان
تتجلى قدرة الله وعظمته في خلق الإنسان، فقد خلق الله آدم عليه السلام من طين، ثم خلق حواء من ضلعه، وتتكاثر البشرية من خلال تلقيح البويضات في رحم المرأة بواسطة الحيوانات المنوية التي ينتجها الرجل، حيث يتكوّن الجنين في رحم الأم وتُجرى عملية الولادة. قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 12-14]. وقد كرم الله الإنسان بين سائر مخلوقاته ومنحه العقل، وجعله خليفة له على الأرض. إن آيات إبداع الخالق تظهر في التصميم الخارجي لجسم الإنسان، حيث يحتوي على عدد كبير من الأنظمة المعقدة التي تعمل بتنظيم دقيق، ومنها:
- العين البشرية، التي تمثل مثالاً بارزاً على بديع صنع الله، إذ تمكن الإنسان من رؤية عجائب قدرته وعبقريته؛ فهي تضم عددًا هائلًا من الخلايا والمستقبلات الضوئية، وتعمل بدقة تصل إلى 576 ميجا بيكسل.
- عضلة القلب، التي تضخ الدم الغني بالأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم، في إطار نظام دقيق ومعقد يصعب على أكثر الآلات تطوراً القيام به.
خلق السماوات
أبدع الله عز وجل في خلق السماوات، حيث جعلها ثابتة بلا أعمدة أو دعم. كما خلق المجرات التي تسير فيها وفق نظام دقيق ومنظم، إذ تضم كل مجرة عددًا كبيرًا من الكواكب والشمس والأقمار، حيث يدور كل منها في مداره الخاص دون أي انحراف أو تداخل. خلق الله الأرض وجعلها تدور حول الشمس، مما يحافظ على الفصول الأربعة، وجعلها تدور حول نفسها لنشوء تعاقب الليل والنهار. أما الشمس، فقد خلقها تسير بسرعة ثابتة، حيث أن أي خلل في سرعتها قد يؤدي إلى انتهاء الحياة على الكرة الأرضية.
خلق الأرض
أبدع الله في خلق كوكب الأرض، حيث صاغ الجبال العظيمة التي تُعتبر من أبرز مظاهر قدرته. فقد تنوعت ألوانها ما بين الأبيض والأحمر والأسود. كما أنشأ البحار والمحيطات والأنهار، وعززها بمخلوقات متنوعة، وخلق الحيوانات والحشرات والنباتات، حيث جعل لكل منها وظيفة محددة ضمن هذا النظام. وقد سخر الله الرياح التي تساهم في تلقيح النباتات، وأنزل الأمطار التي تمثل مصدر المياه الأساسي لجميع الكائنات الحية على سطح الأرض.