مكانة عبد الله بن مسعود
يتميز عبد الله بن مسعود بمكانته الرفيعة لدى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث يُعد من أوائل من أسلموا. وكان أول مسلم يقرأ القرآن الكريم بشكل جهر في مكة المكرمة، في أوقات صعبة جداً على المسلمين، الذين كانوا يتعرضون لشتى أنواع التعذيب من قبل كفار قريش.
يظهر هذا الأمر قوة إيمانه، على الرغم من ضعفه البدني وعدم قدرته على تحمل أذى قريش. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعين بصوته العذب لقراءة القرآن، حيث قال عنه: “لو كنتُ مؤمِّرًا على أمَّتي أحدًا من غيرِ مشورةٍ منهم لأمَّرتُ عليهم ابنَ أمِّ عَبدٍ”.
نبذة عن عبد الله بن مسعود
هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، ويُعرف بأبي عبد الرحمن، وهو اللقب الذي منحه إياه النبي. كان من السابقين إلى الإسلام، ومن أبرز العلماء في رواية الأحاديث، وقد شارك في غزوة بدر، وهاجر إلى الحبشة ثم المدينة المنورة. من ألقابه أيضاً الإمام الحبر وفقيه الأمة.
قصة إسلام عبد الله بن مسعود
يروي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قصة إسلامه قائلاً: “كنت أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط، فمرت بي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، فسألني: “يَا غُلَامُ، هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟”. فأجبت: نعم، لكنّي مؤتمن. فسألني: “فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟”، فأحضرت له شاة، فمسح ضرعها، فخرج اللبن، فشرب منه وسقى أبا بكر، ثم طالب الضرع أن ينقطع، فأصبح بدون لبن. بعدها طلبت من رسول الله أن يعلمني ما يقوله، فمسح على رأسي وقال لي: “يَرْحَمُكَ اللهُ، فَإِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ”.
خصائص عبد الله بن مسعود
كان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- شخصية نحيفة وقصيرة القامة، ويُقال إن ساقيه كانتا رفيعتين جداً. ومن القصص المشهورة أنه تسلق شجرة النخيل لجلب التمور للنبي، مما كشف عن ساقيه، وضحك بعض الصحابة بسبب نحافتهما، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن السخرية منهم قائلاً: “لَرَجُلٍ عبد الله أَثقلُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ”، كما عُرف عنه الذكاء والفطنة.
تعليمه ووفاته
أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- وعامة الصحابة بفقهه ومعرفته العميقة. وصى سعد بن معاذ، وهو على فراش الموت، الصحابة بأن يأخذوا العلم من عبد الله بن مسعود. وقد روى عنه عدد كبير من الصحابة الكرام، مثل أبو هريرة، وابن عباس، وابن عمر. وبلغت الأحاديث التي رواها عن النبي حوالي 848 حديثاً، اتفق عليها الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما لـ 64 حديثاً.
توفي عبد الله بن مسعود في السنة الثانية والثلاثين للهجرة، وتم دفنه في مقبرة البقيع، ويُقال إن عمره تجاوز الستين عاماً بقليل.