المسؤولية الجنائية وفقاً للقانون العراقي

المسؤولية الجنائية وفقًا للقانون العراقي

يمكن تعريف المسؤولية الجنائية بأنها التزام الشخص بتحمل العواقب والمسؤوليات القانونية الناتجة عن ارتكاب أركان الجريمة. هذا الالتزام يُفهم على أنه العقوبة أو الإجراء الاحترازي الذي يحدده المشرع عند إثبات مسؤولية الفرد عن فعلته. وتُعَرَّف المسؤولية الجنائية أيضًا وفق التعريفين التاليين:

  • إلزام الفرد بتحمل النتائج المترتبة على أفعاله ومُسائلته عنها، حيث يتم تنفيذها بدافع من سبق الإصرار والترصد، مع وعيه بالتبعات المترتبة عليها.
  • المعايير والشروط التي توجه اللوم تجاه الجاني، والتي تمثل الحدود القانونية التي تُجرّم تصرفاته.

الأهلية الجزائية

هناك تداخل بين مفهوم الأهلية والمسوؤلية الجنائية، حيث تعني الأهلية إمكانية محاسبة مرتكب الجريمة. وبالتالي، تصبح حالة قانونية لا تتعلق بقدرة الجاني على تحديد إمكانيته، بل يجب أن تتوافر شروط معينة لتحقيق المسؤولية.

نصت المادة 60 من قانون العقوبات العراقي على عناصر الأهلية كما يلي:

  • الإدراك: حدد القانون العراقي الإدراك كقدرة الشخص على فهم طبيعة فعلته والآثار المترتبة عليها. يُتوقف تنفيذ العقوبة على الأهلية الناتجة عن فهم الجاني لطبيعة الفعل الإجرامي وخطره على المصلحة التي يحميها القانون.
  • الإرادة: تُعرَّف الإرادة بأنها قدرة الشخص على التحكم في أفعاله وتوجيه إرادته بشكل حر تمامًا، ضمن حدود يحددها القانون.

موانع المسؤولية الجنائية

يولي قانون العقوبات العراقي أهمية لموانع المسؤولية الجنائية كما ورد في المواد 60-65، حيث تُعرَّف بأنها الحالات التي يحدث فيها نقص أو فقدان إدراك أو حرية اختيار الجاني عند ارتكاب الجريمة. إن وجود سبب واحد من هذه الأسباب يُعتبر كافياً لإسقاط المسؤولية الجنائية دون المساس بالحقوق المدنية أو اتخاذ إجراءات احترازية. يرتبط هذا النقص بشخص الجاني فقط وليس بطبيعة الجريمة، وفيما يلي توضيح لموانع المسؤولية الجنائية:

الجنون والأمراض العقلية

يؤدي الجنون والعاهات العقلية إلى انعدام القدرة على اختيار وإدراك الجاني، إلا أنه من الضروري عدم تركه دون رقيب. يجب اتخاذ تدابير وقائية لعلاج هذه الحالات في مؤسسات متخصصة. يعتبر الجنون سببًا مانعًا من المسؤولية من خلال العوامل التالية:

  • تحديد ما إذا كانت آثار الجنون مؤقتة أو دائمة، استنادًا إلى توصية الأطباء.
  • وجود عاهة عقلية تؤثر على إدراك الجاني، مثل الصرع أو الهستيريا.
  • غياب الإرادة أو الإدراك في وقت ارتكاب الجريمة بسبب الجنون أو العاهة العقلية.

الصغر في السن

يفرض القانون العراقي المسؤولية الجنائية فقط على من تجاوزوا سن التاسعة، نظرًا لاعتبار من هم أقل من ذلك غير مدركين. وعادة ما تتطور قدراتهم الإدراكية تدريجيًا حتى يصلوا إلى مرحلة النضج.

المواد المسكرة والمخدرة

تعتبر المواد المسكرة والمخدرة مُسقطةً للمسؤولية الجنائية في حال تم إجباء الجاني على تناولها أو لم يكن لديه علم بذلك. ولتكون هذه المواد مانعًا للمسؤولية، يجب تواجد الشروط التالية:

  • فقدان الإدراك والإرادة الناتج عن تناول المواد المسكرة والمخدرة قسرًا.
  • حدوث هذا النقص في إدراك وإرادة الجاني خلال وقت ارتكاب الجريمة.

الإكراه

يُعرَّف الإكراه بأنه أي ضغط مادي أو معنوي يؤدي إلى فقدان الإرادة الحرة. ومن الشروط المتعلقة بالإكراه ليكون مانعاً من المسؤولية:

  • وجود ضغط فجائي لا يمكن تجنبه.
  • عدم قدرة الجاني على التصدي لهذا الضغط بوسائل متاحة.

الضرورة

تُعرَّف الضرورة بموجب المادة 63 من القانون العراقي كالجريمة التي تُرتكب بدافع الحاجة لحماية النفس أو ممتلكات الآخرين من خطر لم يكن الجاني سببًا فيه، بحيث لا توجد وسائل أخرى متاحة للحماية سوى ارتكاب الجريمة. ويجب أن يتناسب الخطر مع نوع الجريمة لكي تُعتبر مانعًا للمسؤولية الجنائية.

Scroll to Top